الْمَذْكُورِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ آجَرَ نَفْسَهُ كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، وَجَاءَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّمْرِ.
[فَصْلٌ قَالَ بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَة قَفِيزًا أَوْ قَالَ عَشْرَة أَقْفِزَة وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُمَا أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ]
(٢٩٧٥) فَصْلٌ: وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ قَفِيزًا. أَوْ قَالَ: عَشْرَةَ أَقْفِزَةٍ. وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُمَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، صَحَّ. وَحُكِيَ عَنْ دَاوُد، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُشَاهَدٍ، وَلَا مَوْصُوفٍ. وَلَنَا، أَنَّ الْمَبِيعَ مُقَدَّرٌ مَعْلُومٌ مِنْ جُمْلَةٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا أَشْبَهَ إذَا بَاعَ نِصْفَهَا، وَمَا ذَكَرَهُ قِيَاسٌ، وَهُوَ لَا يَحْتَجُّ بِالْقِيَاسِ، ثُمَّ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّهُ إذَا شَاهَدَ الْجُمْلَةَ، فَقَدْ شَاهَدَ الْمَبِيعَ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُهَا.
[فَصْلٌ قَالَ بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَة كُلّ قَفِيز بِدِرْهَمٍ]
(٢٩٧٦) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ، و " كُلَّ " لِلْعَدَدِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْعَدَدُ مِنْهَا مَجْهُولًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، كَمَا يَصِحُّ فِي الْإِجَارَةِ، كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةِ، وَإِنْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ الْأُخْرَى بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ. عَلَى أَنْ أَزِيدَك قَفِيزًا، أَوْ أَنْقُصَكَ قَفِيزًا. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَزِيدُهُ أَمْ يَنْقُصُهُ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ أَزِيدَك قَفِيزًا. لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْقَفِيزَ مَجْهُولٌ.
وَلَوْ قَالَ: أَزِيدُك قَفِيزًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ الْأُخْرَى. أَوْ وَصَفَهُ بِصِفَةِ يُعْلَمُ بِهَا، صَحَّ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ، بِعْتُك هَذِهِ، وَقَفِيزًا مِنْ هَذِهِ الْأُخْرَى بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ. وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَنْ أَنْقُصَكَ قَفِيزًا. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ، بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ، إلَّا قَفِيزًا، كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، وَشَيْءٍ مَجْهُولٍ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، عَلَى أَنْ أَزِيدَك قَفِيزًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ لِأُخْرَى. لَمْ يَصِحَّ؛ لِإِفْضَائِهِ إلَى جَهَالَةِ الثَّمَنِ فِي التَّفْصِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَفِيزًا وَشَيْئًا بِدِرْهَمٍ، وَالشَّيْءُ لَا يَعْرِفَانِهِ؛ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمَا بِكَمِّيَّةِ مَا فِي الصُّبْرَةِ مِنْ الْقُفْزَانِ.
وَلَوْ قَصَدَ أَنِّي أَحُطُّ ثَمَنَ قَفِيزٍ مِنْ الصُّبْرَةِ لَا أَحْتَسِبُ بِهِ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِلْجَهَالَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. وَإِنْ كَانَتْ الصُّبْرَةُ مَعْلُومًا قَدْرُ قُفْزَانِهَا لَهُمَا، أَوْ قَالَ: هَذِهِ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ بِعْتُكهَا كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، عَلَى أَنْ أَزِيدَك قَفِيزًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ. أَوْ وَصَفَهُ بِصِفَةِ يُعْلَمُ بِهَا صَحَّ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بِعْتُك كُلَّ قَفِيرٍ وَعُشْرِ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ. وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْقَفِيزُ، أَوْ جَعَلَهُ هِبَةً، لَمْ يَصِحَّ. وَإِنْ أَرَادَ أَنِّي لَا أَحْسُبُ عَلَيْك بِثَمَنِ قَفِيزٍ مِنْهَا، صَحَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا عَلِمَا جُمْلَةَ الصُّبْرَةِ عَلِمَا مَا يَنْقُصُ مِنْ الثَّمَنِ.
وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ أَنْقُصَك قَفِيزًا. صَحَّ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ، بِعْتُك تِسْعَةَ أَقْفِزَةٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَكُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ وَتُسْعٍ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ يَصِحُّ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ يُجِيزُ الشَّرْطَ الْوَاحِدَ. وَلَا يَصِحُّ هَذَا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَجْهُولٌ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، بِخِلَافِ الشَّرْطِ الَّذِي لَا يُفْضِي إلَى الْجَهَالَةِ.
[فَصْلٌ بَيْع مَا لَا تَتَسَاوَيْ أَجْزَاؤُهُ]
(٢٩٧٧) فَصْلٌ: وَلَوْ بَاعَ مَا لَا تَتَسَاوَى أَجْزَاؤُهُ، كَالْأَرْضِ وَالثَّوْبِ وَالْقَطِيعِ مِنْ الْغَنَمِ، فَفِيهِ نَحْوٌ مِنْ مَسَائِلِ الصُّبَرِ. وَإِنْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ، أَوْ هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ هَذَا الثَّوْبَ، أَوْ هَذَا الْقَطِيعَ، بِأَلْفٍ. صَحَّ إذَا كَانَ مُشَاهَدًا. أَوْ قَالَ: بِعْتُك نِصْفَهُ، أَوْ ثُلُثَهُ، أَوْ رُبْعَهُ، بِكَذَا. صَحَّ أَيْضًا. فَإِنْ قَالَ: