أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ.
وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَجْعَلُهُ عُمْرَةً؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَبَا مُوسَى، حِينَ أَحْرَمَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَجْعَلَهُ عُمْرَةً. كَذَا هَاهُنَا.
[فَصْل إبْهَام الْإِحْرَام]
(٢٢٩٩) فَصْلٌ: وَيَصِحُّ إبْهَامُ الْإِحْرَامِ، وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ؛ لِمَا رَوَى أَبُو مُوسَى، قَالَ: قَدِمْت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَالَ لِي: «بِمَ أَهْلَلْت؟ . قُلْت: لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ: أَحْسَنْت. فَأَمَرَنِي فَطُفْت بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ قَالَ: حِلَّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَى جَابِرٌ، وَأَنَسٌ، أَنَّ عَلِيًّا قَدِمَ مِنْ الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بِمَ أَهْلَلْت؟ قَالَ: أَهْلَلْت بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.» قَالَ جَابِرٌ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ: (فَاهْدِ، وَامْكُثْ حَرَامًا) . وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَوْلَا أَنَّ مَعِي هَدْيًا لَحَلَلْت) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
ثُمَّ لَا يَخْلُو مَنْ أَبْهَمَ إحْرَامَهُ مِنْ أَحْوَالٍ أَرْبَعَةٍ: أَحَدُهَا، أَنْ يَعْلَمَ مَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ، فَيَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ بِمِثْلِهِ؛ فَإِنَّ عَلِيًّا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَاذَا قُلْت حِينَ فَرَضْت الْحَجَّ؟) قَالَ: قُلْت: اللَّهُمَّ إنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَإِنَّ مَعِي الْهَدْيَ، فَلَا تَحِلَّ الثَّانِي، أَنْ لَا يَعْلَمَ مَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ، فَيَكُون حُكْمُهُ حُكْمَ النَّاسِي، عَلَى مَا سَنُبَيِّنُهُ. الثَّالِثُ، أَنْ لَا يَكُونَ فُلَانٌ أَحْرَمَ، فَيَكُونَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا، حُكْمُهُ حُكْمُ الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَهُ. الرَّابِعُ، أَنْ لَا يَعْلَمَ هَلْ أَحْرَمَ فُلَانٌ، أَوْ لَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ مِنْ لَمْ يُحْرِمْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إحْرَامِهِ، فَيَكُونُ إحْرَامُهُ هَاهُنَا مُطْلَقًا، يَصْرِفُهُ إلَى مَا شَاءَ، فَإِنْ صَرَفَهُ قَبْلَ الطَّوَافِ، فَحَسَنٌ، وَإِنْ طَافَ قَبْلَ صَرْفِهِ، لَمْ يُعْتَدَّ بِطَوَافِهِ؛ لِأَنَّهُ طَافَ لَا فِي حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ.
[فَصْل أُحَرِّم بِنُسُكِ ثُمَّ نَسِيَهُ قَبْل الطَّوَاف]
(٢٣٠٠) فَصْلٌ: إذَا أَحْرَمَ بِنُسُكٍ، ثُمَّ نَسِيَهُ قَبْلَ الطَّوَافِ، فَلَهُ صَرْفُهُ إلَى أَيِّ الْأَنْسَاكِ شَاءَ، فَإِنَّهُ إنْ صَرَفَهُ إلَى عُمْرَةٍ، وَكَانَ الْمَنْسِيُّ عُمْرَةً، فَقَدْ أَصَابَ، وَإِنْ كَانَ حَجًّا مُفْرَدًا أَوْ قِرَانًا فَلَهُ فَسْخُهُمَا إلَى الْعُمْرَةِ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، وَإِنْ صَرَفَهُ إلَى الْقِرَانِ، وَكَانَ الْمَنْسِيُّ قِرَانًا، فَقَدْ أَصَابَ، وَإِنْ كَانَ عُمْرَةً، فَإِدْخَالُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ جَائِزٌ قَبْلَ الطَّوَافِ، فَيَصِيرُ قَارِنًا، وَإِنْ كَانَ مُفْرِدًا، لَغَا إحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ، وَصَحَّ بِالْحَجِّ، وَسَقَطَ فَرْضَهُ، وَإِنْ صَرَفَهُ إلَى الْإِفْرَادِ، وَكَانَ مُفْرِدًا، فَقَدْ أَصَابَ، وَإِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا، فَقَدْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَصَارَ قَارِنًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute