أَوْجُهٍ؛ فَمِنْهُمْ مِنْ قَالَ كَقَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ كَقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنْ كَانَ نِصْفُ الرَّقِيقِ حُرًّا، أَجْزَأَ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ.
وَلَنَا، أَنَّ الْأَشْقَاصَ كَالْأَشْخَاصِ فِيمَا لَا يُمْنَعُ مِنْهُ الْعَيْبُ الْيَسِيرُ، دَلِيلُهُ الزَّكَاةُ، وَنَعْنِي بِهِ إذَا كَانَ لَهُ نِصْفُ ثَمَانِينَ شَاةً مُشَاعًا، وَجَبَتْ الزَّكَاةُ، كَمَا لَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ مُنْفَرِدَةً، وَكَالْهَدَايَا وَالضَّحَايَا إذَا اشْتَرَكُوا فِيهَا.
وَالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إعْتَاقُ نِصْفَيْنِ، إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا حُرًّا؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الرَّقَبَةِ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى إعْتَاقِ الْكَامِلَةِ، وَلَا يَحْصُلُ مِنْ الشِّقْصَيْنِ مَا يَحْصُلُ مِنْ الرَّقَبَةِ الْكَامِلَةِ مِنْ تَكْمِيلِ الْأَحْكَامِ، وَتَخْلِيصِ الْآدَمِيِّ مِنْ ضَرَرِ الرِّقِّ وَنَقْصِهِ، فَلَا يَثْبُتُ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ مَا يَثْبُتُ بِإِعْتَاقِ رَقَبَةٍ كَامِلَةٍ، وَيَمْتَنِعُ قِيَاسُ الشِّقْصَيْنِ عَلَى الرَّقَبَةِ الْكَامِلَةِ، وَلِهَذَا لَوْ أَمَرَ إنْسَانًا بِشِرَاءِ رَقَبَةٍ أَوْ بَيْعِهَا، أَوْ بِإِهْدَاءِ حَيَوَانٍ أَوْ بِالصَّدَقَةِ بِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُشَقِّصَهُ، كَذَا هَاهُنَا.
[مَسْأَلَةٌ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ وَأَطْعَمَ خَمْسَةَ مَسَاكِينَ أَوْ كَسَاهُمْ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ]
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ، وَأَطْعَمَ خَمْسَةَ مَسَاكِينَ، أَوْ كَسَاهُمْ، لَمْ يُجْزِئْهُ) لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَقْصُودَهُمَا مُخْتَلِفٌ مُتَبَايِنٌ؛ إذْ كَانَ الْقَصْدُ مِنْ الْعِتْقِ تَكْمِيلَ الْأَحْكَامِ، وَتَخْلِيصَ الْمُعْتَقِ مِنْ الرِّقِّ، وَالْقَصْدُ مِنْ الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ سَدَّ الْخَلَّةِ، وَإِبْقَاءَ النَّفْسِ، بِدَفْعِ الْمَجَاعَةِ فِي الْإِطْعَامِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَدَفْعِ ضَرَرِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فِي الْكِسْوَةِ، فَلِتَقَارُبِ مَعْنَاهُمَا، وَاتِّحَادِ مَصْرِفِهِمَا، جَرَيَا مَجْرَى الْجِنْسِ الْوَاحِدِ، فَكُمِّلَتْ الْكَفَّارَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَلِذَلِكَ سُوِّيَ بَيْنَ عَدَدِهِمَا، وَلِتَبَاعُدِ مَقْصِدِ الْعِتْقِ مِنْهُمَا، وَاخْتِلَافِ مَصْرِفِهِمَا، وَمُبَايَنَتِهِمَا لَهُ، لَمْ يَجْرِيَا مَجْرَى الْجِنْسِ الْوَاحِدِ، فَلَمْ يُكَمَّلْ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلِذَلِكَ خَالَفَ عَدَدُهُ عَدَدَهُمَا.
[فَصْلٌ أَطْعَمَ بَعْضَ الْمَسَاكِينِ أَوْ كَسَاهُمْ فِي كَفَّارَة الْيَمِين]
(٨٠٦٥) فَصْلٌ: وَلَوْ أَطْعَمَ بَعْضَ الْمَسَاكِينِ، أَوْ كَسَاهُمْ، أَوْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُتِمُّ بِهِ الْكَفَّارَةَ، فَصَامَ عَنْ الْبَاقِي، لَمْ يُجْزِئْهُ؛ وَلِأَنَّهُ بَدَلٌ فِي الْكَفَّارَةِ، فَلَمْ تُكَمَّلْ بِهِ، كَسَائِرِ الْأَبْدَالِ مَعَ مُبْدَلَاتِهَا، وَلِأَنَّ الصَّوْمَ مِنْ الطَّعَامِ، وَالْكِسْوَةُ أَبْعَدُ مِنْ الْعِتْقِ، فَإِذَا لَمْ يَجُزْ تَكْمِيلُ أَحَدِ نَوْعَيْ الْمُبْدَلِ مِنْ الْآخَرِ، فَتَكْمِيلُهُ بِالْبَدَلِ أَوْلَى. فَإِنْ قِيلَ: يَبْطُلُ هَذَا بِالْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ مَعَ التَّيَمُّم. قُلْنَا: التَّيَمُّمُ لَا يَأْتِي بِبَعْضِهِ بَدَلًا عَنْ بَعْضِ الطَّهَارَةِ، وَإِنَّمَا يَأْتِي بِهِ بِكَمَالِهِ، وَهَا هُنَا لَوْ أَتَى بِالصِّيَامِ جَمِيعِهِ، أَجْزَأَهُ.
[مَسْأَلَةٌ شَرَعَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ أَوْ الْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ]
(٨٠٦٦) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ دَخَلَ فِي الصَّوْمِ، ثُمَّ أَيْسَرَ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّوْمِ إلَى الْعِتْقِ، أَوْ الْإِطْعَامِ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute