الْمُعَامَلَةَ تَشْمَلُهُمَا. وَإِنْ قَالَ: زَارَعْتُك: الْأَرْضَ بِالنِّصْفِ، وَسَاقَيْتُك عَلَى الشَّجَرِ بِالرُّبْعِ. جَازَ
كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُسَاقِيَهُ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الشَّجَرِ، وَيَجْعَلَ لَهُ فِي كُلِّ نَوْعٍ قَدْرًا. وَإِنْ قَالَ: سَاقَيْتُك عَلَى الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ بِالنِّصْفِ. جَازَ؛ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ مُسَاقَاةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ فِيهَا، لِحَاجَةِ الشَّجَرِ إلَيْهِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَا تَتَنَاوَلُ الْأَرْضَ، وَتَصِحُّ فِي النَّخْلِ وَحْدَهُ. وَقِيلَ: يَنْبَنِي عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
وَلَنَا أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْ عَقْدٍ بِلَفْظِ عَقْدٍ يُشَارِكُهُ فِي الْمَعْنَى الْمَشْهُورِ بِهِ فِي الِاشْتِقَاقِ، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ عَبَّرَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فِي السَّلَمِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَعْنَى، وَقَدْ عُلِمَ بِقَرَائِنِ أَحْوَالِهِ
وَهَكَذَا إنْ قَالَ فِي الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ: سَاقَيْتُك عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ بِنِصْفِ مَا يُزْرَعُ فِيهَا. فَأَمَّا إنْ قَالَ: سَاقَيْتُك عَلَى الشَّجَرِ بِالنِّصْفِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَرْضَ، لَمْ تَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ، وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَزْرَعَ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو يُوسُفَ: لِلدَّاخِلِ زَرْعُ الْبَيَاضِ، فَإِنْ تَشَارَطَا أَنَّ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنَّهُ يَزْرَعُ الْبَيَاضَ، لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الدَّاخِلَ يَسْقِي لِرَبِّ الْأَرْضِ، فَتِلْكَ زِيَادَةٌ ازْدَادَهَا عَلَيْهِ. وَلَنَا أَنَّ هَذَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْعَقْدُ فَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ، كَمَا لَوْ كَانَتْ أَرْضًا مُنْفَرِدَةً.
[فَصْلٌ زَارِعه أَرْضًا فِيهَا شَجَرَاتٌ يَسِيرَةً]
(٤١٤٠) فَصْلٌ: وَإِنْ زَارَعَهُ أَرْضًا فِيهَا شَجَرَاتٌ يَسِيرَةٌ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ ثَمَرَتَهَا، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَجَازَهُ مَالِكٌ إذَا كَانَ الشَّجَرُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ أَوْ أَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ، فَيَدْخُلُ تَبَعًا. وَلَنَا أَنَّهُ اشْتَرَطَ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا، فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ كَانَ الشَّجَرُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ.
[فَصْلٌ آجَرَهُ بَيَاضَ أَرْضِ وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ الَّذِي فِيهَا]
(٤١٤١) فَصْلٌ: وَإِنْ آجَرَهُ بَيَاضَ أَرْضٍ، وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ الَّذِي فِيهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ يَجُوزُ إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَجَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، كَالْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ، بِنَاءً عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْأَصْلِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، إلَّا أَنْ يَفْعَلَا ذَلِكَ حِيلَةً عَلَى شِرَاءِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ وُجُودِهَا، أَوْ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، فَلَا يَجُوزُ، سَوَاءٌ جَمَعَا بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ، أَوْ عَقَدَا أَحَدَهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي إبْطَالِ الْحِيَلِ.
[مَسْأَلَة إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ]
(٤١٤٢) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ) ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ إنَّمَا تَصِحُّ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، وَالْعَمَلُ مِنْ الْعَامِلِ. نَصَّ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute