للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْخَبَرِ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ، فَإِنَّ الثَّوْبَ الْمَسْدُولَ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْ إصَابَةِ الْبَشَرَةِ، فَلَوْ كَانَ هَذَا شَرْطًا لَبُيِّنَ، وَإِنَّمَا مُنِعَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْبُرْقُعِ وَالنِّقَابِ وَنَحْوِهِمَا، مِمَّا يُعَدَّ لِسَتْرِ الْوَجْهِ. قَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا لَهَا أَنَّ تَسْدُلَ عَلَى وَجْهِهَا مِنْ فَوْق، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْفَعَ الثَّوْبَ مِنْ أَسْفَلَ. كَأَنَّهُ يَقُولُ: إنَّ النِّقَابَ مِنْ أَسْفَلَ عَلَى وَجْهِهَا.

[فَصْلٌ يَجْتَمِعُ فِي حَقِّ الْمُحْرِمَةِ وُجُوبُ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ وَتَحْرِيمُ تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ]

(٢٣٧٠) فَصْلٌ: وَيَجْتَمِعُ فِي حَقِّ الْمُحْرِمَةِ وُجُوبُ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ، وَتَحْرِيمُ تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ. وَلَا يُمْكِنُ تَغْطِيَةُ جَمِيعِ الرَّأْسِ إلَّا بِجُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ، وَلَا كَشْفُ جَمِيعِ الْوَجْهِ إلَّا بِكَشْفِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ سَتْرُ الرَّأْسِ كُلِّهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ آكَدُ، إذْ هُوَ عَوْرَةٌ، لَا يَخْتَصُّ تَحْرِيمُهُ حَالَةَ الْإِحْرَامِ، وَكَشْفُ الْوَجْهِ بِخِلَافِهِ، وَقَدْ أَبَحْنَا سَتْرَ جُمْلَتِهِ لِلْحَاجَةِ الْعَارِضَةِ، فَسَتْرُ جُزْءٍ مِنْهُ لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ أَوْلَى.

[فَصْلٌ لَا بَأْسَ أَنْ تَطُوفَ الْمَرْأَةُ مُنْتَقِبَة إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُحْرِمَةٍ]

(٢٣٧١) فَصْلٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ تَطُوفَ الْمَرْأَةُ مُنْتَقِبَةً، إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُحْرِمَةٍ، وَطَافَتْ عَائِشَةُ وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ. وَكَرِهَ ذَلِكَ عَطَاءٌ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ. وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثَ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّ عَطَاءً كَانَ يَكْرَهُ لِغَيْرِ الْمُحْرِمَةِ أَنْ تَطُوفَ مُنْتَقِبَةً، حَتَّى حَدَّثْته عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ طَافَتْ وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ، فَأَخَذَ بِهِ.

[مَسْأَلَة الْكُحْلُ بِالْإِثْمِدِ فِي الْإِحْرَامِ مَكْرُوهِ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ]

(٢٣٧٢) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا تَكْتَحِلُ بِكُحْلٍ أَسْوَدَ) الْكُحْلُ بِالْإِثْمِدِ فِي الْإِحْرَامِ مَكْرُوهٌ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْمَرْأَةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الزِّينَةِ، وَهُوَ فِي حَقِّهَا أَكْثَرُ مِنْ الرَّجُلِ. وَيُرْوَى هَذَا عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَمُجَاهِدٍ. قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ زِينَةٌ.

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: يَكْتَحِلُ الْمُحْرِمُ بِكُلِّ كُحْلٍ لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ. قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتَحِلَ الْمُحْرِمُ مِنْ حَرٍّ يَجِدُهُ فِي عَيْنَيْهِ بِالْإِثْمِدِ وَغَيْرِهِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ قَالَ: يَكْتَحِلُ الْمُحْرِمُ، مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الزِّينَةَ. قِيلَ لَهُ: الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَالدَّلِيلُ عَلَى كَرَاهَتِهِ مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ عَلِيًّا قَدِمَ مِنْ الْيَمَنِ، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ، فَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صَدَقَتْ، صَدَقَتْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَمْنُوعَةً مِنْ ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَامْرَأَةٍ: اكْتَحِلِي بِأَيِّ كُحْلٍ شِئْت،

<<  <  ج: ص:  >  >>