} . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَحَدِيثُهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ غَيْرُ مُشْتَرَطَةٍ، وَلَا نِزَاعَ بَيْنَنَا فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْوُجُوبِ الِاشْتِرَاطُ، كَوَاجِبَاتِ الْحَجِّ، وَالْإِحْدَادِ فِي الْعِدَّةِ. (١١١٠) فَصْلٌ: وَلَيْسَتْ الْجَمَاعَةُ شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ.
وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجْهًا فِي اشْتِرَاطِهَا، قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ. وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ بِدَلِيلِ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ احْتَجُّوا بِهِمَا وَالْإِجْمَاعِ، فَإِنَّنَا لَا نَعْلَمُ قَائِلًا بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ، إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو مُوسَى، أَنَّهُمْ قَالُوا: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَتَخَلَّفَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ.
[فَصْلٌ تَنْعَقِدُ الْجَمَاعَةُ بِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا]
(١١١١) فَصْلٌ: وَتَنْعَقِدُ الْجَمَاعَةُ بِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَقَدْ رَوَى أَبُو مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. «وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَصَاحِبِهِ: إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» . وَأَمَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُذَيْفَةَ مَرَّةً، وَابْنَ مَسْعُودٍ مَرَّةً، وَابْنَ عَبَّاسٍ مَرَّةً.
وَلَوْ أَمَّ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ أَدْرَكَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ أَمَّ صَبِيًّا جَازَ فِي التَّطَوُّعِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّ فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ صَبِيٌّ. وَإِنْ أَمَّهُ فِي الْفَرْضِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا؛ لِنَقْصِ حَالِهِ، فَأَشْبَهَ مَنْ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ: فِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إمَامًا؛ لِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا بِالْمُفْتَرِضِ، كَالْبَالِغِ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرَّجُلِ الَّذِي فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ: «مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا، فَيُصَلِّيَ مَعَهُ» .
[فَصْلٌ فِعْلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ وَالصَّحْرَاءِ]
(١١١٢) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ فِعْلُهَا فِي الْبَيْتِ وَالصَّحْرَاءِ، وَقِيلَ: فِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّ حُضُورَ الْمَسْجِدِ وَاجِبٌ إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» . وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute