للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ لَهُ ابْنَتَانِ كُبْرَى وَصُغْرَى فَقَالَ زَوَّجْتُك الْكُبْرَى وَقَبِلَ الزَّوْجُ ذَلِكَ وَهُمَا يَنْوِيَانِ الصُّغْرَى]

(٥٣٢٠) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنَتَانِ، كُبْرَى اسْمُهَا عَائِشَةُ وَصُغْرَى اسْمُهَا فَاطِمَةُ فَقَالَ: زَوَّجْتُك ابْنَتِي عَائِشَةَ وَقَبِلَ الزَّوْجُ ذَلِكَ، وَهُمَا يَنْوِيَانِ الصُّغْرَى، لَمْ يَصِحَّ. ذَكَرَهُ أَبُو حَفْصٍ وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ فِي الَّتِي نَوَيَاهَا، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمَا لَمْ يَتَلَفَّظَا بِمَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك عَائِشَةَ فَقَطْ أَوْ مَا لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك ابْنَتِي وَلَمْ يُسَمِّهَا، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ فِيمَا إذَا لَمْ يُسَمِّهَا، فَفِيمَا إذَا سَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا أَوْلَى أَنْ لَا يَصِحَّ وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ حَتَّى تُذْكَرَ الْمَرْأَةُ بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، فَإِنَّ اسْمَ أُخْتِهَا لَا يُمَيِّزُهَا، بَلْ يَصْرِفُ الْعَقْدَ عَنْهَا.

وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ يُرِيدُ الْكُبْرَى، وَالزَّوْجُ يَقْصِدُ الصُّغْرَى، لَمْ يَصِحَّ، كَمَسْأَلَةِ الْخِرَقِيِّ، فِيمَا إذَا خَطَبَ امْرَأَةً وَزُوِّجَ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ انْصَرَفَ إلَى غَيْرِ مَنْ وُجِدَ الْإِيجَابُ فِيهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ مَا يَصْرِفُ الْقَبُولَ إلَى الصُّغْرَى، مِنْ خِطْبَةٍ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّ الْعَقْدَ بِلَفْظِهِ مُتَنَاوِلٌ لِلْكُبْرَى، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَصْرِفُهُ عَنْهَا، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ نَوَيَاهَا. وَلَوْ نَوَى الْوَلِيُّ الصُّغْرَى، وَالزَّوْجُ الْكُبْرَى، أَوْ نَوَى الْوَلِيُّ الْكُبْرَى، وَلَمْ يَدْرِ الزَّوْجُ أَيَّتَهُمَا هِيَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ التَّزْوِيجُ، لِعَدَمِ النِّيَّةِ مِنْهُمَا فِي الَّتِي يَتَنَاوَلُهَا لَفْظُهُمَا.

وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَصِحُّ فِي الْمُعَيَّنَةِ بِاللَّفْظِ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ.

[فَصْلٌ كَانَ لَهُ ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ لِرَجُلٍ زَوَّجْتُك ابْنَتِي وَسَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا]

(٥٣٢١) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: زَوَّجْتُك ابْنَتِي وَسَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، فَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ابْنَتِي آكَدُ مِنْ التَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا مُشَارَكَةَ فِيهَا، وَالِاسْمُ مُشْتَرَكٌ. وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك هَذِهِ وَأَشَارَ إلَيْهَا، وَسَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ.

[فَصْلٌ قَالَ زَوَّجْتُك حَمْلَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ]

(٥٣٢٢) فَصْلٌ: وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك حَمْلَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْبَنَاتِ قَبْلَ الظُّهُورِ، فِي غَيْرِ الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ فِي الْبَطْنِ بِنْتًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك مَنْ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ مَنْ فِيهَا. وَلَوْ قَالَ: إذَا وَلَدَتْ امْرَأَتِي بِنْتًا زَوَّجْتُكَهَا. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلنِّكَاحِ عَلَى شَرْطٍ، وَالنِّكَاحُ لَا يَتَعَلَّقُ عَلَى شَرْطٍ؛ وَلِأَنَّ هَذَا مُجَرَّدُ وَعْدٍ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ عَقْدٌ.

[تَزَوَّجَهَا وَشَرَطَ لَهَا أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا]

قَالَ: (وَإِذَا تَزَوَّجَهَا، وَشَرَطَ لَهَا أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا فَلَهَا شَرْطُهَا لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ بِهِ مِنْ الشُّرُوطِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» وَإِنْ تَزَوَّجَهَا، وَشَرَطَ لَهَا أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، فَلَهَا فِرَاقُهُ إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>