وَهُوَ الطَّبْلُ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَتَغَيَّرُ بِهِ. وَإِنْ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَعْظَمُ وَأَجَلُّ. وَنَحْوَهُ، لَمْ يُسْتَحَبَّ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَانْعَقَدَتْ الصَّلَاةُ بِالتَّكْبِيرَةِ الْأُولَى.
[فَصْلٌ التَّكْبِيرُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ]
فَصْلٌ: وَلَا يُجْزِئُهُ التَّكْبِيرُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُجْزِئُهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: ١٥] . وَهَذَا قَدْ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ. وَلَنَا، مَا تَقَدَّمَ مِنْ النُّصُوصِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْدِلْ عَنْهَا، وَهَذَا يَخُصُّ مَا ذَكَرُوا. فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ الْعَرَبِيَّةَ، لَزِمَهُ تَعَلُّمُ التَّكْبِيرِ بِهَا، فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْوَقْتِ كَبَّرَ بِلُغَتِهِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ ". وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي " الْجَامِعِ ": لَا يُكَبِّرُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَخْرَسِ، كَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِرَاءَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ لَا يُعَبِّرُ عَنْهَا بِغَيْرِهَا. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ ذِكْرُ اللَّهِ، وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى يَحْصُلُ بِكُلِّ لِسَانٍ، وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَإِنَّهُ عَرَبِيٌّ، فَإِذَا عَبَّرَ عَنْهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا، وَالذِّكْرُ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ ذِكْرًا.
[فَصْلٌ فَإِنْ كَانَ أَخْرَسِ أَوْ عَاجِزًا عَنْ التَّكْبِيرِ بِكُلِّ لِسَانٍ]
(٦٤٥) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ أَخْرَسَ أَوْ عَاجِزًا عَنْ التَّكْبِيرِ بِكُلِّ لِسَانٍ، سَقَطَ عَنْهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: عَلَيْهِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ يَلْزَمُهُ النُّطْقُ بِتَحْرِيكِ لِسَانِهِ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ الْآخَرُ. وَلَا يَصِحُّ هَذَا؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ عَجَزَ عَنْهُ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ فِي مَوْضِعِهِ كَالْقِرَاءَةِ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ بِالتَّكْبِيرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ضَرُورَةً يُوقَفُ التَّكْبِيرُ عَلَيْهَا، فَإِذَا سَقَطَ التَّكْبِيرُ سَقَطَ مَا هُوَ مِنْ ضَرُورَتِهِ، كَمَنْ سَقَطَ عَنْهُ الْقِيَامُ، سَقَطَ عَنْهُ النُّهُوضُ إلَيْهِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّ تَحْرِيكَ اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ عَبَثٌ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِهِ، فَلَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ، كَالْعَبَثِ بِسَائِرِ جَوَارِحِهِ.
[فَصْلٌ يَأْتِيَ بِالتَّكْبِيرِ قَائِمًا]
(٦٤٦) فَصْلٌ: وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّكْبِيرِ قَائِمًا. فَإِنْ انْحَنَى إلَى الرُّكُوعِ بِحَيْثُ يَصِيرُ رَاكِعًا قَبْلَ إنْهَاءِ التَّكْبِيرِ، لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ، إلَّا أَنْ تَكُونَ نَافِلَةً؛ لِسُقُوطِ الْقِيَامِ فِيهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَنْعَقِدَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ صِفَةَ الرُّكُوعِ غَيْرُ صِفَةِ الْقُعُودِ، وَلَمْ يَأْتِ التَّكْبِيرَ قَائِمًا وَلَا قَاعِدًا. وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ قَاعِدًا، كَانَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِالتَّكْبِيرِ قَبْلَ وُجُودِ الرُّكُوعِ مِنْهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَبَّرَ فِي الْفَرِيضَةِ، فِي حَالِ انْحِنَائِهِ إلَى الرُّكُوعِ، انْعَقَدَتْ نَفْلًا؛ لِأَنَّهَا امْتَنَعَ وُقُوعُهَا فَرْضًا، وَأَمْكَنَ جَعْلُهَا نَفْلًا، فَأَشْبَهَ مَنْ أَحْرَمَ بِفَرِيضَةٍ، فَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا.
[فَصْلٌ لَا يُكَبِّرُ الْمَأْمُومُ حَتَّى يَفْرَغَ إمَامُهُ مِنْ التَّكْبِيرِ]
(٦٤٧) فَصْلٌ: وَلَا يُكَبِّرُ الْمَأْمُومُ حَتَّى يَفْرُغَ إمَامُهُ مِنْ التَّكْبِيرِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُكَبِّرُ مَعَهُ، كَمَا يَرْكَعُ مَعَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute