للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقَ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ قَالَ: اسْتَسْقَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ التَّكْبِيرَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُكَبِّرْ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَكَيْفَمَا فَعَلَ كَانَ جَائِزًا حَسَنًا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُسَنُّ الصَّلَاةُ لِلِاسْتِسْقَاءِ، وَلَا الْخُرُوجُ لَهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْتَسْقَى عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَمْ يُصَلِّ لَهَا» ، وَاسْتَسْقَى عُمَرُ بِالْعَبَّاسِ وَلَمْ يُصَلِّ.

وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ خَرَجَ وَصَلَّى، وَمَا ذَكَرُوهُ لَا يُعَارِضُ مَا رَوَوْهُ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ، وَفِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا ذَكَرُوهُ لَا يَمْنَعُ فِعْلَ مَا ذَكَرْنَاهُ، بَلْ قَدْ فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَمْرَيْنِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ، وَخَطَبَ. وَبِهِ قَالَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا أَبَا حَنِيفَةَ، وَخَالَفَهُ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فَوَافَقَا سَائِرَ الْعُلَمَاءِ، وَالسُّنَّةُ يُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ كُلِّ قَوْلٍ.

وَيُسَنُّ أَنْ يَجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ؛ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَسْقِي، فَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ يَدْعُو، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَإِنْ قَرَأَ فِيهِمَا ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] ، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: ١] فَحَسَنٌ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي الْعِيدِ.

وَرَوَى ابْنُ قُتَيْبَةَ، فِي " غَرِيبِ الْحَدِيثِ "، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ لِلِاسْتِسْقَاءِ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، و " سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى " وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، و " هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» .

[فَصْلٌ لَيْسَ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاء أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ]

(١٤٧٦) فَصْلٌ: وَلَا يُسَنُّ لَهَا أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا يَسْتَسْقِي، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، ثُمَّ خَطَبَنَا، وَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، رَافِعًا يَدَيْهِ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ، فَجَعَلَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ، وَالْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ.» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَلِأَنَّهَا صَلَاةُ نَافِلَةٍ، فَلَمْ يُؤَذَّنْ لَهَا كَسَائِرِ النَّوَافِلِ.

قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُنَادَى لَهَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. كَقَوْلِهِمْ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>