للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ قَضِيَّتَيْنِ؛ قَضَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا خَرَجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ سَيِّدِهِ أَنَّهُ حُرٌّ، فَإِنْ خَرَجَ سَيِّدُهُ بَعْدُ، لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ، وَقَضَى أَنَّ السَّيِّدَ إذَا خَرَجَ قَبْلَ الْعَبْدِ ثُمَّ خَرَجَ الْعَبْدُ، رُدَّ عَلَى سَيِّدِهِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ أَيْضًا، وَعَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ، قَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرُدَّ عَلَيْنَا أَبَا بَكْرَةَ، وَكَانَ عَبْدًا لَنَا، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ وَهُوَ مُحَاصِرٌ ثَقِيفًا، فَأَسْلَمَ، فَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْنَا، «وَقَالَ: هُوَ طَلِيقُ اللَّهِ، ثُمَّ طَلِيقُ رَسُولِهِ» . فَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْنَا.

[مَسْأَلَةٌ أَخَذَ الْكُفَّار أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَهَرَهُمْ الْمُسْلِمُونَ فَأَخَذُوهَا مِنْهُمْ]

(٧٥٤١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَمَا أَخَذَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَعَبِيدِهِمْ، فَأَدْرَكَهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ قَسْمِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) .

وَإِنْ أَدْرَكَهُ مَقْسُومًا، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهُ مِنْ الْمَغْنَمِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، إذَا قُسِمَ، فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ بِحَالٍ يَعْنِي إذَا أَخَذَ الْكُفَّارُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَهَرَهُمْ الْمُسْلِمُونَ، فَأَخَذُوهَا مِنْهُمْ، فَإِنْ عُلِمَ صَاحِبُهَا قَبْلَ قَسْمِهَا، رُدَّتْ إلَيْهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَاللَّيْثُ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يُرَدُّ إلَيْهِ، وَهُوَ لِلْجَيْشِ. وَنَحْوُهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مَلَكُوهُ بِاسْتِيلَائِهِمْ، فَصَارَ غَنِيمَةً، كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ.

وَلَنَا، مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، أَنَّ غُلَامًا لَهُ أَبَقَ إلَى الْعَدُوِّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى ابْنِ عُمَرَ، وَلَمْ يُقْسَمْ. وَعَنْهُ، قَالَ: ذَهَبَ فَرَسٌ لَهُ، فَأَخَذَهَا الْعَدُوُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَرُدَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد. وَعَنْ جَابِرِ بْنِ حَيْوَةَ، أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فِيمَا أَحْرَزَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ بَعْدُ. قَالَ: مَنْ وَجَدَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، مَا لَمْ يُقْسَمْ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَالْأَثْرَمُ.

فَأَمَّا مَا أَدْرَكَهُ بَعْدَ أَنْ قُسِمَ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، أَنَّ صَاحِبَهُ أَحَقُّ بِهِ، بِالثَّمَنِ الَّذِي حَسِبَ بِهِ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ بِيعَ ثُمَّ قُسِمَ ثَمَنُهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكٍ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>