ذِكْرٌ مُخْتَصٌّ بِوَقْتِ الْعِيدِ.
فَاخْتُصَّ بِالْجَمَاعَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَشْرُوعِيَّتِهِ لِلْفَرَائِضِ مَشْرُوعِيَّتُهُ لِلنَّوَافِلِ، كَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. وَعَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يُكَبِّرُ لِلْفَرْضِ، وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا. وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مُسْتَحَبٌّ لِلْمَسْبُوقِ، فَاسْتُحِبَّ لِلْمُنْفَرِدِ، كَالسَّلَامِ.
[فَصْلٌ النِّسَاء يُكَبِّرْنَ فِي الْجَمَاعَة فِي الْعِيدَيْنِ]
(١٤٣٤) فَصْلٌ: وَالْمُسَافِرُونَ كَالْمُقِيمِينَ، فِيمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ فِي الْجَمَاعَةِ، وَفِي تَكْبِيرِهِنَّ فِي الِانْفِرَادِ رِوَايَتَانِ كَالرِّجَالِ. قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ: قُلْت لِأَحْمَدَ، قَالَ سُفْيَانُ: لَا يُكَبِّرُ النِّسَاءُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ إلَّا فِي جَمَاعَةٍ. قَالَ: أَحْسَنُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: كَانَ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ. وَيَنْبَغِي لَهُنَّ أَنْ يَخْفِضْنَ أَصْوَاتَهُنَّ، حَتَّى لَا يَسْمَعَهُنَّ الرِّجَالُ.
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُنَّ لَا يُكَبِّرْنَ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ ذِكْرٌ يُشْرَعُ فِيهِ رَفْعُ الصَّوْتِ، فَلَمْ يُشْرَعْ فِي حَقِّهِنَّ، كَالْأَذَانِ
[فَصْلٌ الْمَسْبُوق بِبَعْضِ الصَّلَاة يَكْبَر إذَا فَرَغَ مِنْ قَضَاء مَا فَاتَهُ فِي الْعِيدَيْنِ]
(١٤٣٥) فَصْلٌ: وَالْمَسْبُوقُ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ إذَا فَرَغَ مِنْ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: يُكَبِّرُ، ثُمَّ يَقْضِي، لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، فَيَأْتِي بِهِ الْمَسْبُوقُ قَبْلَ الْقَضَاءِ، كَالتَّشَهُّدِ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ، وَمَكْحُولٍ: يُكَبِّرُ، ثَمَّ يَقْضِي، ثُمَّ يُكَبِّرُ لِذَلِكَ.
وَلَنَا، أَنَّهُ ذِكْرٌ شُرِعَ بَعْدَ السَّلَامِ، فَلَمْ يَأْتِ بِهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، كَالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ، وَالدُّعَاءِ بَعْدَهَا. وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُصَلِّي سُجُودُ سَهْوٍ بَعْدَ السَّلَامِ سَجَدَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ. وَبِهَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ سُجُودٌ مَشْرُوعٌ لِلصَّلَاةِ، فَكَانَ التَّكْبِيرُ بَعْدَهُ، وَبَعْدَ تَشَهُّدِهِ كَسُجُودِ صُلْبِ الصَّلَاةِ، وَآخِرُ مُدَّةِ التَّكْبِيرِ الْعَصْرُ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا.
[فَصْلٌ فَاتَتْهُ صَلَاة مِنْ أَيَّام التَّشْرِيق فَقَضَاهَا فِيهَا]
(١٤٣٦) فَصْلٌ: وَإِذَا فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَضَاهَا فِيهَا، فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُؤَدَّاةِ فِي التَّكْبِيرِ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَكَذَلِكَ إنْ فَاتَتْهُ مِنْ غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَضَاهَا فِيهَا كَذَلِكَ. وَإِنْ فَاتَتْهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَقَضَاهَا فِي غَيْرِهَا، لَمْ يُكَبِّرْ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ مُقَيَّدٌ بِالْوَقْتِ، فَلَمْ يُفْعَلْ فِي غَيْرِهِ، كَالتَّلْبِيَةِ.
[فَصْلٌ يَكْبَر مُسْتَقْبِل الْقِبْلَة لِلْعِيدَيْنِ]
(١٤٣٧) فَصْلٌ: وَيُكَبِّرُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ. حَكَاهُ أَحْمَدُ عَنْ إبْرَاهِيمَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مُخْتَصٌّ بِالصَّلَاةِ، أَشْبَهَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُكَبِّرَ كَيْفَمَا شَاءَ؛ لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ» . وَإِنْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَمْ يُكَبِّرْ. وَهَذَا