للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُقَاسَمَةُ هَاهُنَا أَحَظُّ لِلْجَدِّ، وَتَعْتَدُّ الْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى الْجَدِّ بِأُخْتِهَا مِنْ أَبِيهَا، فَيَصِيرُ لَهُ النِّصْفُ، وَلَهُمَا النِّصْفُ بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْنِ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ سَهْمٌ، ثُمَّ تَأْخُذُ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ مَا بَقِيَ فِي يَدِ أُخْتِهَا، لِتَسْتَكْمِلَ تَمَامَ فَرْضِهَا.

وَهُوَ جَمِيعُ مَا فِي يَدِهَا، فَلَا يَبْقَى لَهَا شَيْءٌ، وَتَصِيرُ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُمَا بِنْتٌ، فَأَخَذَتْ الْبِنْتُ النِّصْفَ، وَبَقِيَ النِّصْفُ، فَإِنَّ الْأُخْتَ مِنْ الْأَبَوَيْنِ تَأْخُذُهُ جَمِيعَهُ، فَلَا يَبْقَى لِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ شَيْءٌ. فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ مَعَ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أُخْتَانِ مِنْ أَبٍ، كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْجَدِّ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ؛ لِلْجَدِّ اثْنَانِ، وَلَهُنَّ ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ تَأْخُذُ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ مِنْ أُخْتِهَا تَمَامَ النِّصْفِ، وَهُوَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ، يَبْقَى لَهُمَا نِصْفُ سَهْمٍ بَيْنَهُمَا، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعُ سَهْمٍ، فَتَضْرِبُ مَخْرَجَ الرُّبُعِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فِي خَمْسَةٍ، تَكُنْ عِشْرِينَ؛ لِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ، وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ عَشْرَةٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ أُخْتَيْهَا سَهْمٌ.

فَإِنْ كَانَ مَعَهَا ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَيْسَ لِلْجَدِّ إلَّا الثُّلُثُ، وَلَهَا النِّصْفُ، وَيَبْقَى السُّدُسُ بَيْنَ الْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ وَإِنْ كَثُرْنَ. وَإِنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ أُخْتَانِ أَوْ أَكْثَرُ، فَلَيْسَ لِلْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ شَيْءٌ وَإِنْ كَثُرْنَ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَانِ، وَالْجَدُّ لَا يَنْقُصُ عَنْ الثُّلُثِ، فَلَا يَبْقَى مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ، وَلِأَنَّ الْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ يُسْقِطْنَ الْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ بِاسْتِكْمَالِ الثُّلُثَيْنِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ جَدٌّ، فَمَعَ الْجَدِّ أَوْلَى. وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ.

فَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْخِرَقِيِّ فَإِنَّ عَلِيًّا وَعَبْدَ اللَّهِ يَفْرِضَانِ لِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ النِّصْفَ، وَلِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ السُّدُسَ، وَالْبَاقِيَ لِلْجَدِّ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَهَا أُخْتَانِ أَوْ أَخَوَاتُ مِنْ أَبٍ.

(٤٨٧٧) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (فَإِنْ كَانَ مَعَ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَخُوهَا، كَانَ الْمَالُ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأَخِ وَالْأُخْتَيْنِ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ؛ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ، وَلِلْأَخِ سَهْمَانِ، وَلِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ، ثُمَّ رَجَعَتْ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمُّ عَلَى الْأَخِ وَالْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ، فَأَخَذَتْ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمَا؛ لِتَسْتَكْمِلَ النِّصْفَ، فَتَصِحَّ الْفَرِيضَةُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا؛ لِلْجَدِّ سِتَّةُ أَسْهُمٍ. وَلِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ، وَلِلْأَخِ سَهْمَانِ، وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ)

الْمُقَاسَمَةُ هَاهُنَا وَالثُّلُثُ سَوَاءٌ، فَإِنْ قَاسَمْت بِهِ كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ، يَأْخُذُ الْجَدُّ سَهْمَيْنِ، ثُمَّ يَكْمُلُ لِلْأُخْتِ تَمَامُ النِّصْفِ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، يَبْقَى لَهُمَا سَهْمٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَا يَصِحُّ، فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، تَكُنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، كَمَا قَالَ الْخِرَقِيِّ وَإِنْ زَادَ وَلَدُ الْأَبِ عَلَى هَذَا لَمْ يُزَادُوا عَلَى السُّدُسِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْجَدَّ لَا يَنْقُصُ عَنْ الثُّلُثِ، وَالْأُخْتَ لَا تَنْقُصُ عَنْ النِّصْفِ، فَلَا يَبْقَى إلَّا السُّدُسُ.

[مَسْأَلَةٌ الْأَكْدَرِيَّة]

(٤٨٧٨) مَسْأَلَةٌ الْأَكْدَرِيَّةُ؛ قَالَ: (وَإِذَا كَانَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ) ثُمَّ يُقَسَّمُ سُدُسُ الْجَدِّ وَنِصْفُ الْأُخْتِ بَيْنَهُمَا، عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ؛ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ، وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ، فَتَصِحُّ الْفَرِيضَةُ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا، لِلزَّوْجِ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ، وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ، وَلِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ، وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ. وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْأَكْدَرِيَّةَ. وَلَا يُفْرَضُ لِلْجَدِّ مَعَ الْأَخَوَاتِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

قِيلَ: إنَّمَا سُمِّيَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْأَكْدَرِيَّةَ، لِتَكْدِيرِهَا لِأُصُولِ زَيْدٍ فِي الْجَدِّ؛ فَإِنَّهُ أَعَالَهَا، وَلَا عَوْلَ عِنْدَهُ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ، وَفَرَضَ لِلْأُخْتِ مَعَهُ، وَلَا يُفْرَضُ لَأُخْتٍ مَعَ جَدٍّ، وَجَمَعَ سِهَامَهُ وَسِهَامَهَا، فَقَسَمَهَا بَيْنَهُمَا، وَلَا نَظِيرَ لِذَلِكَ. وَقِيلَ: سُمِّيَتْ الْأَكْدَرِيَّةَ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ سَأَلَ عَنْهَا رَجُلًا اسْمُهُ الْأَكْدَرُ، فَأَفْتَى فِيهَا عَلَى مَذْهَبِ زَيْدٍ وَأَخْطَأَ فِيهَا، فَنُسِبَتْ إلَيْهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا؛ فَمَذْهَبُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَمُوَافِقِيهِ، إسْقَاطُ الْأُخْتِ، وَيَجْعَلُ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ، وَمَا بَقِيَ لِلْجَدِّ.

وَقَالَ عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ، وَعَالَتْ إلَى ثَمَانِيَةٍ. وَجَعَلُوا لِلْأُمِّ السُّدُسَ كَيْ لَا يُفَضِّلُوهَا عَلَى الْجَدِّ. وَقَالَ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ، وَعَوَّلَاهَا إلَى تِسْعَةٍ، وَلَمْ يَحْجُبَا الْأُمَّ عَنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا حَجَبَهَا بِالْوَلَدِ وَالْإِخْوَةِ، وَلَيْسَ هَاهُنَا وَلَدٌ وَلَا إخْوَةٌ.

ثُمَّ إنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا وَابْنَ مَسْعُودٍ أَبْقَوْا النِّصْفَ لِلْأُخْتِ، وَالسُّدُسَ لِلْجَدِّ، وَأَمَّا زَيْدٌ فَإِنَّهُ ضَمَّ نِصْفَهَا إلَى سُدُسِ الْجَدِّ، فَقَسَمَهُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ مَعَهُ إلَّا بِحُكْمِ الْمُقَاسَمَةِ، وَإِنَّمَا حَمَلَ زَيْدٌ عَلَى إعَالَةِ الْمَسْأَلَةِ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْرِضْ لِلْأُخْتِ لَسَقَطَتْ، وَلَيْسَ فِي الْفَرِيضَةِ مَنْ يُسْقِطُهَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا قَالَ ذَلِكَ زَيْدٌ وَإِنَّمَا قَاسَ أَصْحَابُهُ عَلَى أُصُولِهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُوَ شَيْئًا. فَإِنْ قِيلَ: فَالْأُخْتُ مَعَ الْجَدِّ عَصَبَةٌ، وَالْعَصَبَةُ تَسْقُطُ بِاسْتِكْمَالِ الْفُرُوضِ. قُلْنَا: إنَّمَا يَعْصِبُهَا الْجَدُّ، وَلَيْسَ بِعَصَبَةٍ مَعَ هَؤُلَاءِ، بَلْ يُفْرَضُ لَهُ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأُخْتِ أَخٌ لَسَقَطَ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ فِي نَفْسِهِ.

وَلَوْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>