للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إلَى سُتْرَةٍ، وَلْيَدْنُ مِنْهَا» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: «كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مَمَرُّ الشَّاةِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ارْهَقُوا الْقِبْلَةَ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.

وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ فِي " مَعَالِمِ السُّنَنِ " أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ كَانَ يُصَلِّي يَوْمًا مُتَنَائِيًا عَنْ السُّتْرَةِ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الْمُصَلِّي، اُدْنُ مِنْ سُتْرَتِكَ. فَجَعَلَ مَالِكٌ يَتَقَدَّمُ وَهُوَ يَقْرَأُ {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: ١١٣] . وَلِأَنَّ قُرْبَهُ مِنْ السُّتْرَةِ أَصُونُ لِصَلَاتِهِ وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا شَيْءٌ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا.

إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَمَا دُونَ. قَالَ مُهَنَّا: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ يُصَلِّي، كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ؟ قَالَ يَدْنُو مِنْ الْقِبْلَةِ مَا اسْتَطَاعَ. ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْكَعْبَةِ، فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَائِطِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ» .

قَالَ الْمَيْمُونِي: فَقَدْ رَأَيْتُك عَلَى نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ. قَالَ: بِالسَّهْوِ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ. قَالَ عَطَاءٌ: أَقَلُّ مَا يَكْفِيك ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ؛ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ بِلَالٍ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مُقَدَّمِ الْبَيْتِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ» . وَكَلَّمَا دَنَا فَهُوَ أَفْضَلُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَخْبَارِ وَالْمَعْنَى.

[فَصْلٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَتِرَ الْمُصَلِّي بِبَعِيرِ أَوْ حَيَوَانٍ]

(١٢٠٩) فَصْلٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَتِرَ بِبَعِيرٍ أَوْ حَيَوَانٍ، وَفَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسٌ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ لَا يَسْتَتِرُ بِدَابَّةِ. وَلَنَا، مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى إلَى بَعِيرٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ. وَفِي لَفْظٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْرِضُ رَاحِلَتَهُ، وَيُصَلِّي إلَيْهَا. قَالَ: قُلْت: فَإِذَا ذَهَبَ الرِّكَابُ؟ قَالَ: يَعْرِضُ الرَّحْلَ، وَيُصَلِّي إلَى آخِرَتِهِ، فَإِنْ اسْتَتَرَ بِإِنْسَانٍ فَلَا بَأْسَ، فَإِنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ غَيْرِهِ مِنْ السُّتْرَةِ»

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَجُلًا يُصَلِّي، وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَوَلَّاهُ ظَهْرَهُ، وَقَالَ بِثَوْبِهِ هَكَذَا، وَبَسَطَ يَدَيْهِ هَكَذَا. وَقَالَ: صَلِّ، وَلَا تُعَجِّلْ. وَعَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا لَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: وَلِّنِي ظَهْرَكَ. رَوَاهُمَا النَّجَّادُ بِإِسْنَادِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>