للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا أَنَّهُ إذَا مَلَكَ تَزْوِيجَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، فَعَبْدُهُ مَعَ مِلْكِهِ لَهُ وَتَمَامِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ أَوْلَى، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي عَبْدِهِ الْمَجْنُونِ. .

[الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى السَّيِّدِ فِي زَوَاجِ الْعَبْدِ]

(٥٢٣٤) فَصْلٌ: وَالْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى السَّيِّدِ، سَوَاءٌ ضَمِنَهُمَا أَوْ لَمْ يَضْمَنْهُمَا، وَسَوَاءٌ بَاشَرَ الْعَقْدَ أَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فَعَقَدَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: نَفَقَتُهُ مِنْ ضَرِيبَتِهِ. وَقَالَ: إنْ كَانَ بِقِيمَةِ ضَرِيبَتِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهَا، وَلَا يُعْطِي الْمَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُنْفِقُ، يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ. وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّ مَنْ أَلْزَمَ السَّيِّدَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ أَوْجَبَهُمَا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ كَسْبٌ، وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ؛ لِعَدَمِ كَسْبِ الْعَبْدِ، وَلِلسَّيِّدِ اسْتِخْدَامُهُ وَمَنْعُهُ مِنْ الِاكْتِسَابِ، وَمَنْ عَلَّقَهُ بِكَسْبِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ، فَلِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ الْكَسْبِ.

وَلَنَا أَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْعَبْدِ بِرِضَا سَيِّدِهِ، فَتَعَلَّقَ بِسَيِّدِهِ، وَجَازَ بَيْعُهُ فِيهِ، كَمَا لَوْ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ، أَوْ أَعْتَقَهُ، لَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ عَنْ السَّيِّدِ. نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِبَيْعِهِ وَعِتْقِهِ، كَأَرْشِ جِنَايَتِهِ.

فَأَمَّا النَّفَقَةُ: فَإِنَّهَا تَتَجَدَّدُ، فَتَكُونُ فِي الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الْعَبْدِ إذَا أُعْتِقَ.

[تَزَوَّجَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ بِإِذْنِهِ]

(٥٢٣٥) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ بِإِذْنِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَأْذَنَ لِلْعَبْدِ فَيَتَزَوَّجَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، فَكَانَ مِنْ أَهْلِ مُبَاشَرَةِ النِّكَاحِ كَالْحُرِّ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا، فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ امْرَأَةً أَوْ نِسَاءَ بَلَدٍ أَوْ قَبِيلَةٍ أَوْ حُرَّةً، أَوْ أَمَةً، فَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِالْإِذْنِ فَتَقَيَّدَ تَصَرُّفُهُ بِمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ كَالْوَكِيلِ. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ مُطْلَقًا؛ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ، لَكِنْ إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَلْدَةٍ أُخْرَى فَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَلَدِ، فَعَلَى سَيِّدِهِ إرْسَالُهُ لَيْلًا لِلِاسْتِمْتَاعِ.

وَإِنْ أَحَبَّ سَيِّدُهُ أَنْ يُسْكِنَهَا فِي مَسْكَنٍ مِنْ دَارِهِ، فَلَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ مَسْكَنَ مِثْلِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِخْدَامِهِ، وَلَيْسَ النَّهَارُ مَحَلًّا لِلِاسْتِمْتَاعِ. وَلِسَيِّدِهِ الْمُسَافَرَةُ بِهِ، فَإِنَّ حَقَّ امْرَأَةِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ لَا يَزِيدُ عَلَى حَقِّ امْرَأَةِ الْحُرِّ، وَالْحُرُّ يَمْلِكُ الْمُسَافَرَةَ وَإِنْ كَرِهَتْ امْرَأَتُهُ، كَذَا هَا هُنَا.

[لِلسَّيِّدِ أَنْ يُعَيِّنَ لِلْعَبْدِ الْمَهْرَ وَلَهُ أَنْ يُطْلِقَ]

(٥٢٣٦) فَصْلٌ: وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمَهْرَ، وَلَهُ أَنْ يُطْلِقَ، فَإِنْ تَزَوَّجَ بِمَا عَيَّنَهُ أَوْ دُونَهُ، أَوْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ دُونَهُ، لَزِمَ الْمُسَمَّى، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ الزِّيَادَةُ. وَهَلْ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ أَوْ بِذِمَّتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>