فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَيَقْرَأُ ثَلَاثَ آيَاتٍ: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢] . وَ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١] . وَ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: ٧٠] {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [الأحزاب: ٧١] الْآيَةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
قَالَ الْخَلَّالُ: حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ إمَامُ طَرَسُوسَ، قَالَ: كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إذَا حَضَرَ عَقْدَ نِكَاحٍ لَمْ يُخْطَبْ فِيهِ بِخُطْبَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَامَ وَتَرَكَهُمْ. وَهَذَا كَانَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ فِي اسْتِحْبَابِهَا، لَا عَلَى الْإِيجَابِ، فَإِنَّ حَرْبَ بْنَ إسْمَاعِيلَ قَالَ: قُلْت لِأَحْمَدَ: فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ خُطْبَةُ النِّكَاحِ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ؟ فَوَسَّعَ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ إذَا دُعِيَ لِيُزَوِّجَ قَالَ: لَا تَفْضُضُوا عَلَيْنَا النَّاسَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، إنَّ فُلَانًا يَخْطُبُ إلَيْكُمْ، فَإِنْ أَنْكَحْتُمُوهُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَإِنْ رَدَدْتُمُوهُ فَسُبْحَانَ اللَّهِ.
وَالْمُسْتَحَبُّ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ يَخْطُبُهَا الْوَلِيُّ، أَوْ الزَّوْجُ، أَوْ غَيْرُهُمَا،
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْمَسْنُونُ خُطْبَتَانِ، هَذِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي أَوَّلِهِ، وَخُطْبَةٌ مِنْ الزَّوْجِ قَبْلَ قَبُولِهِ. وَالْمَنْقُولُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ السَّلَفِ، خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ أَوْلَى مَا اُتُّبِعَ. (٥٣٠٠) فَصْلٌ: وَالْخُطْبَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلِمْنَاهُ، إلَّا دَاوُد، فَإِنَّهُ أَوْجَبَهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَلَنَا «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَوِّجْنِيهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ خُطْبَةً
وَخُطِبَ إلَى عُمَرَ مَوْلَاةٌ لَهُ، فَمَا زَادَ عَلَى أَنْ قَالَ: قَدْ أَنْكَحْنَاكَ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ، عَلَى إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: إنْ كَانَ الْحُسَيْنُ لِيُزَوِّجَ بَعْضَ بَنَاتِ الْحَسَنِ، وَهُوَ يَتَعَرَّقُ الْعَرَقَ. رَوَاهُمَا ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، قَالَ: «خَطَبْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَامَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَأَنْكَحَنِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَشَهَّدَ» . وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الْخُطْبَةُ كَالْبَيْعِ، وَمَا اسْتَدَلُّوا بِهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْكَمَالِ بِدُونِ الْخُطْبَةِ، لَا عَلَى الْوُجُوبِ.
[فَصْلٌ إعْلَانُ النِّكَاحِ وَالضَّرْبُ فِيهِ بِالدُّفِّ]
(٥٣٠١) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ إعْلَانُ النِّكَاحِ، وَالضَّرْبُ فِيهِ بِالدُّفِّ قَالَ أَحْمَدُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُظْهَرَ النِّكَاحُ، وَيُضْرَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute