وَلَنَا: أَنَّهُ حَقُّ مَالٍ فَلَا يَسْقُطُ بِالرِّدَّةِ كَالدَّيْنِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلَا تَسْقُطُ أَيْضًا، لَكِنْ لَا يُطَالَبُ بِفِعْلِهَا لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ وَلَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فَإِذَا عَادَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَالزَّكَاةُ تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ وَلَا تَسْقُطُ بِالرِّدَّةِ كَالدَّيْنِ وَيَأْخُذُهَا الْإِمَامُ مِنْ الْمُمْتَنِعِ وَكَذَا هَاهُنَا يَأْخُذُهَا الْإِمَامُ مِنْ مَالِهِ كَمَا يَأْخُذُهَا مِنْ الْمُسْلِمِ الْمُمْتَنِعِ فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ أَخْذِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ أَدَاؤُهَا لِأَنَّهَا سَقَطَتْ عَنْهُ بِأَخْذِهَا كَمَا تَسْقُطُ بِأَخْذِهَا مِنْ الْمُسْلِمِ الْمُمْتَنِعِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَسْقُطَ لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ، فَلَا تَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَأَصْلُ هَذَا مَا لَوْ أَخَذَهَا الْإِمَامُ مِنْ الْمُسْلِمِ الْمُمْتَنِعِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي غَيْرِ هَذَا. وَإِنْ أَخَذَهَا غَيْرُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبُهُ، لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ فَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ بِخِلَافِ نَائِبِ الْإِمَامِ وَإِنْ أَدَّاهَا فِي حَالِ رِدَّتِهِ لَمْ تُجْزِهِ لِأَنَّهُ كَافِرٌ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ كَالصَّلَاةِ
[مَسْأَلَةُ اللُّقَطَةُ إذَا صَارَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ كَسَائِرِ مَالِ الْمُلْتَقِطِ]
(١٩٤٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَاللَّقْطَةُ إذَا صَارَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ كَسَائِرِ مَالِ الْمُلْتَقِطِ، اسْتَقْبَلَ بِهَا حَوْلًا ثُمَّ زَكَّاهَا فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا زَكَّاهَا لِلْحَوْلِ الَّذِي كَانَ الْمُلْتَقِطُ مَمْنُوعًا مِنْهَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ اللُّقَطَةَ تُمْلَكُ بِمُضِيِّ حَوْلِ التَّعْرِيفِ وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا حَتَّى يَخْتَارَ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَتَى مَلَكَهَا اسْتَأْنَفَ حَوْلًا فَإِذَا مَضَى وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا وَحَكَى الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ أَنَّهُ إذَا مَلَكَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِثْلُهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، أَوْ قِيمَتُهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مِثْلِيَّةً.
وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ لَا تَجِبَ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فَمَنَعَ الزَّكَاةَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ فِيهَا لِمَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقَرٍّ عَلَيْهَا، وَلِصَاحِبِهَا أَخْذُهَا مِنْهُ مَتَى وَجَدَهَا. وَالْمَذْهَبُ مَا ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ، وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي يُفْضِي إلَى ثُبُوتِ مُعَاوَضَةٍ فِي حَقِّ مَنْ لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِ، بِغَيْرِ فِعْلِهِ، وَلَا اخْتِيَارِهِ، وَيَقْتَضِي ذَلِكَ أَنْ يَمْنَعَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمِيرَاثَ وَالْوَصِيَّةَ، كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ.
وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ: يَبْطُلُ بِمَا وَهَبَهُ الْأَبُ لِوَلَدِهِ، وَبِنِصْفِ الصَّدَاقِ، فَإِنَّ لَهُمَا اسْتِرْجَاعَهُ، وَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فَأَمَّا رَبُّهَا إذَا جَاءَ فَأَخَذَهَا، فَذَكَرَ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يُزَكِّيهَا لِلْحَوْلِ الَّذِي كَانَ الْمُلْتَقِطُ مَمْنُوعًا مِنْهَا، وَهُوَ حَوْلُ التَّعْرِيفِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الضَّالِّ رِوَايَتَيْنِ وَهَذَا مِنْ جُمْلَتِهِ. وَعَلَى مُقْتَضَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَوْ لَمْ يَمْلِكْهَا مِثْلُ مَنْ لَمْ يُعَرِّفْهَا، فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَى مُلْتَقِطِهَا، وَإِذَا جَاءَ رَبُّهَا زَكَّاهَا لِلزَّمَانِ كُلِّهِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا إذَا كَانَتْ مَاشِيَةً بِشَرْطِ كَوْنِهَا سَائِمَةً عِنْدَ الْمُلْتَقِطِ، فَإِنْ عَلَفَهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَغْصُوبِ
[مَسْأَلَةُ الْمَرْأَةُ إذَا قَبَضَتْ صَدَاقَهَا زَكَّتْهُ]
(١٩٤٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ وَالْمَرْأَةُ إذَا قَبَضَتْ صَدَاقَهَا زَكَّتْهُ لِمَا مَضَى وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ الصَّدَاقَ فِي الذِّمَّةِ دَيْنٌ لِلْمَرْأَةِ، حُكْمُهُ حُكْمُ الدُّيُونِ، عَلَى مَا مَضَى إنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ بِهِ فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِيهِ، إذَا قَبَضَتْهُ أَدَّتْ لِمَا مَضَى، وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ جَاحِدٍ فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَاخْتَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute