ذُو فَرْضٍ غَيْرُ الْوَلَدِ، كَزَوْجٍ، أَوْ أُمٍّ، أَوْ جَدَّةٍ، فَلِذِي الْفَرْضِ فَرْضُهُ، وَبَاقِي الْمَالِ لَهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] . فَأَضَافَ الْمِيرَاثَ إلَيْهِمَا، ثُمَّ جَعَلَ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ، فَكَانَ الْبَاقِي لِلْأَبِ، ثُمَّ قَالَ: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] . فَجَعَلَ لِلْأُمِّ مَعَ الْإِخْوَةِ السُّدُسَ، وَلَمْ يَقْطَعْ إضَافَةَ الْمِيرَاثِ إلَى الْأَبَوَيْنِ، وَلَا ذَكَرَ لِلْإِخْوَةِ مِيرَاثًا، فَكَانَ الْبَاقِي كُلُّهُ لِلْأَبِ.
الْحَالُ الثَّالِثَةُ، يَجْتَمِعُ لَهُ الْأَمْرَانِ؛ الْفَرْضُ وَالتَّعْصِيبُ، وَهِيَ مَعَ إنَاثِ الْوَلَدِ، أَوْ وَلَدِ الِابْنِ، فَلَهُ السُّدُسُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١] . وَلِهَذَا كَانَ لِلْأَبِ السُّدُسُ مَعَ الْبِنْتِ بِالْإِجْمَاعِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ بِالتَّعْصِيبِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَالْأَبُ أَوْلَى رَجُلٍ بَعْدَ الِابْنِ وَابْنِهِ. وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى هَذَا كُلِّهِ، فَلَيْسَ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ اخْتِلَافٌ نَعْلَمُهُ.
[فَصْلٌ الْجَدُّ كَالْأَبِ فِي أَحْوَالِهِ]
(٤٨٢٧) فَصْلٌ: وَالْجَدُّ كَالْأَبِ فِي أَحْوَالِهِ الثَّلَاثِ، وَلَهُ حَالٌ رَابِعٌ مَعَ الْإِخْوَةِ يُذْكَرُ فِي بَابِهِ، وَيَسْقُطُ بِالْأَبِ؛ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِهِ، فَيَسْقُطُ بِهِ، كَالْإِخْوَةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ جَدٍّ يَسْقُطُ بِابْنِهِ؛ لِكَوْنِهِ يُدْلِي بِهِ. وَيَنْقُصُ الْجَدُّ عَنْ رُتْبَةِ الْأَبِ فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ، أَوْ امْرَأَةٍ وَأَبَوَيْنِ، فَيُفْرَضُ لِلْأُمِّ فِيهِمَا ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ، وَبَاقِيهِ لِلْجَدِّ، بِخِلَافِ الْأَبِ.
[مَسْأَلَةٌ فَرْضُ الزَّوْجِ وَفَرْضُ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجَاتِ]
(٤٨٢٨) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ، فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ، فَلَهُ الرُّبُعُ، وَلِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَرْبَعًا، إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ) . وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ ذُو فَرْضٍ، لَا يَرِثَانِ بِغَيْرِهِ. وَفَرْضُ الزَّوْجِ النِّصْفُ مَعَ عَدَمِ وَلَدِ الْمَيِّتَةِ وَوَلَدِ ابْنِهَا، وَالرُّبُعُ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ. وَفَرْضُ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجَاتِ الرُّبُعُ مَعَ عَدَمِ وَلَدِ الزَّوْجِ وَوَلَدِ ابْنِهِ، وَالثُّمُنُ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ الْوَاحِدُ وَالْأَرْبَعُ سَوَاءٌ.
بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١٢] . وَإِنَّمَا جَعَلَ لِلْجَمَاعَةِ مِثْلَ مَا لِلْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ الرُّبُعُ، وَهُنَّ أَرْبَعٌ، لَأَخَذْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute