جَازَ أَخْذُ الرَّهْنِ بِهَا. يُرِيدُ مَا يَضْمَنُ بِمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ كَالْمَبِيعِ يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِفَسَادِ الْعَقْدِ، لِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّهْنِ الْوَثِيقَةُ بِالْحَقِّ، وَهَذَا حَاصِلٌ، فَإِنَّ الرَّهْنَ بِهَذِهِ الْأَعْيَانِ يَحْمِلُ الرَّاهِنَ عَلَى أَدَائِهَا. وَإِنْ تَعَذَّرَ أَدَاؤُهَا، اسْتَوْفَى بَدَلَهَا مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ، فَأَشْبَهَتْ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ.
[فَصْلٌ مَا جَازَ أَخْذُ الرَّهْنِ بِهِ جَازَ أَخْذُ الضَّمِينِ بِهِ]
(٣٢٥٢) فَصْلٌ قَالَ الْقَاضِي: كُلُّ مَا جَازَ أَخْذُ الرَّهْنِ بِهِ، جَازَ أَخْذُ الضَّمِينِ بِهِ، وَمَا لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ بِهِ، لَمْ يَجُزْ أَخْذُ الضَّمِينِ بِهِ، إلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ؛ عُهْدَةُ الْمَبِيعِ يَصِحُّ ضَمَانُهَا وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا، وَالْكِتَابَةُ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِدَيْنِهَا، وَفِي ضَمَانِهَا رِوَايَتَانِ، وَمَا لَمْ يَجِبْ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهِ وَيَصِحُّ ضَمَانُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدِهِمَا، أَنَّ الرَّهْنَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ يُبْطِلُ الْإِرْفَاقَ، فَإِنَّهُ إذَا بَاعَ عَبْدَهُ بِأَلْفِ، وَدَفَعَ رَهْنًا يُسَاوِي أَلْفًا، فَكَأَنَّهُ مَا قَبَضَ الثَّمَنَ، وَلَا ارْتَفَقَ بِهِ، وَالْمُكَاتَبُ إذَا دَفَعَ مَا يُسَاوِي كِتَابَتَهُ، فَمَا ارْتَفَقَ بِالْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ بَيْعُ الرَّهْنِ أَوْ بَقَاءُ الْكِتَابَةِ، وَيَسْتَرِيحُ مِنْ تَعْطِيلِ مَنَافِعِ عَبْدِهِ، وَالضَّمَانُ بِخِلَافِ هَذَا. الثَّانِي أَنَّ ضَرَرَ الرَّهْنِ يَعُمُّ؛ لِأَنَّهُ يَدُومُ بَقَاؤُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَيَمْنَعُ.
الْبَائِعَ التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَالضَّمَانُ بِخِلَافِهِ.
[فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُ وَالْمُسْلِم إلَيْهِ فِي حُلُولِ الْأَجَلِ]
(٣٢٥٣) فَصْلٌ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ، فِي حُلُولِ الْأَجَلِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ؛ لِذَلِكَ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الثَّمَنِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ؛ لِذَلِكَ. وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَقَالَ أَحَدُهُمَا: كَانَ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ. وَقَالَ الْآخَرُ: بَعْدَهُ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ سَلَامَةَ الْعَقْدِ، وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمُوجَبِ دَعْوَاهُ، قُدِّمَتْ أَيْضًا بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ وَالْأُخْرَى نَافِيَةٌ.
[بَابُ الْقَرْضِ]
ِ وَالْقَرْضُ نَوْعٌ مِنْ السَّلَفِ، وَهُوَ جَائِزٌ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَمَّا السُّنَّةُ، فَرَوَى أَبُو رَافِعٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا، فَقَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إبِلُ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ. فَرَجَعَ إلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَجِدْ فِيهَا إلَّا خِيَارًا رُبَاعِيًّا. فَقَالَ: أَعْطِهِ، فَإِنَّ خَيْرَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ. إلَّا كَانَ كَصَدَقَةِ مَرَّةٍ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute