[فَصْلٌ حُكْمُ الشَّفِيعِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ]
(٤٠٨٤) فَصْلٌ: وَحُكْمُ الشَّفِيعِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، حُكْمُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ عَلَمَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ، فَلِلشَّفِيعِ رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي. أَوْ أَخْذُ أَرْشِهِ مِنْهُ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي شَيْءٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَمْلِكَ الشَّفِيعُ أَخْذَ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، فَإِذَا أَخَذَ الْأَرْشَ، فَمَا أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَى الْمُشْتَرِي.
وَإِنْ عَلِمَ الشَّفِيعُ دُونَ الْمُشْتَرِي، فَلَيْسَ لَوَاحِدٍ مِنْهُمَا رَدٌّ وَلَا أَرْشٌ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ أَخَذَهُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ رَدٌّ وَلَا أَرْشٌ، كَالْمُشْتَرِي إذَا عَلِمَ الْعَيْبَ، وَالْمُشْتَرِي قَدْ اسْتَغْنَى عَنْ الرَّدِّ، لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ الْمَبِيعِ، وَحُصُولِ الثَّمَنِ لَهُ مِنْ الشَّفِيعِ، وَلَمْ يَمْلِكْ الْأَرْشَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَدْرَكَ ظَلَّامَتَهُ، وَرَجَعَ إلَيْهِ جَمِيعُ ثَمَنِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَمْلِكَ أَخْذَ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ مِنْ الْمَبِيعِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ الْمَبِيعِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى قَفِيزَيْنِ، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا، وَأَخَذَ الْآخَرَ. فَعَلَى هَذَا، مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْأَرْشِ يَسْقُطُ عَنْ الشَّفِيعِ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّ الشِّقْصَ يَجِبُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخَذَ الْأَرْشَ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ مِنْهُ.
وَإِنْ عَلِمَا جَمِيعًا، فَلَيْسَ لَوَاحِدٍ مِنْهُمَا رَدٌّ وَلَا أَرْشٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَخَلَ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَرَضِيَ بِبَذْلِ الثَّمَنِ فِيهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا، فَلِلشَّفِيعِ رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ الشَّفِيعُ، فَلَا يَرُدُّهُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا. وَإِنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ أَرْشَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُهُ مِنْ الْبَائِعِ.
وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَمْلِكَ أَخْذَهُ، عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. فَإِذَا أَخَذَهُ، فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ لَمْ يُسْقِطْهُ عَنْ الْمُشْتَرِي، سَقَطَ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّهُ الثَّمَنُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْبَيْعُ، وَسُكُوتُهُ لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ، وَإِنْ أَسْقَطَهُ عَنْ الْمُشْتَرِي، تَوَفَّرَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ زَادَهُ عَلَى الثَّمَنِ بِاخْتِيَارِهِ. فَأَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ، فَيَكُونُ كَأَنَّهُ لَمْ يَبْرَأْ إلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، أَنَّهُ يَبْرَأُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ عَلِمَ بِالْعَيْبِ، فَدَلَّسَهُ، وَاشْتَرَطَ الْبَرَاءَةَ. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، إنْ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِاشْتِرَاطِ الْبَرَاءَةِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى شِرَائِهِ، فَصَارَ كَمُشْتَرٍ ثَانٍ اشْتَرَطَ الْبَرَاءَةَ.
وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ عَلِمَهُ الْمُشْتَرِي دُونَ الشَّفِيعِ.
[مَسْأَلَة الشُّفْعَةُ لَا تُورَثُ]
(٤٠٨٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالشُّفْعَةُ لَا تُورَثُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ طَالَبَ بِهَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute