للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَدْت نِصْفَ دِرْهَمٍ، فَحَذَفْت الْمُضَافَ وَأَقَمْت الْمُضَافَ إلَيْهِ مَقَامَهُ. لَمْ يُقْبَلُ مِنْهُ. وَلَوْ قَالَ: لَك مِنْ مَالِي أَلْفٌ. قَالَ: صَدَقْت، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت أَنَّ عَلَيْك مِنْ مَالِي أَلْفًا، وَأَقَمْت اللَّامَ مَقَامَ " عَلَيَّ " كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧] . لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ.

وَلَوْ قُبِلَ فِي الْإِقْرَارِ مُطْلَقُ الِاحْتِمَالِ، لَسَقَطَ، وَلَقُبِلَ فِي تَفْسِيرِ الدَّرَاهِمِ بِالنَّاقِصَةِ وَالزَّائِفَةِ وَالْمُؤَجَّلَةِ. وَأَمَّا إذَا قَالَ: لَك عَلَيَّ أَلْفٌ. ثُمَّ قَالَ: كَانَ وَدِيعَةً فَتَلِفَ. لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ. وَقَدْ سَبَقَ نَحْوٌ مِنْ هَذَا.

[فَصْلٌ قَالَ لَك عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَحْضَرَهَا وَقَالَ هَذِهِ الَّتِي أَقْرَرْت بِهَا وَهِيَ وَدِيعَةٌ كَانَتْ لَك عِنْدِي]

(٣٨٥٩) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: لَك عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ. ثُمَّ أَحْضَرَهَا، وَقَالَ: هَذِهِ الَّتِي أَقْرَرْت بِهَا، وَهِيَ وَدِيعَةٌ كَانَتْ لَك عِنْدِي. فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: هَذِهِ وَدِيعَةٌ، وَاَلَّتِي أَقْرَرْت بِهَا غَيْرُهَا، وَهِيَ دَيْنٌ عَلَيْك. فَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ الْقَاضِي: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَالْوَجْهَيْنِ، وَتَعْلِيلُهُمَا مَا تَقَدَّمَ.

وَإِنْ كَانَ قَالَ فِي إقْرَارِهِ: لَك عَلَيَّ مِائَةٌ فِي ذِمَّتِي. فَإِنَّ الْقَاضِيَ وَافَقَ هَاهُنَا فِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ عَيْنٌ لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ. قَالَ: وَقَدْ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ: فِي ذِمَّتِي أَدَاؤُهَا. وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ تَعَدَّى فِيهَا، فَكَانَ ضَمَانُهَا عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ. وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ وَجْهَانِ.

فَأَمَّا إنْ وَصَلَ ذَلِكَ بِكَلَامِهِ، فَقَالَ: لَك عَلَيَّ مِائَةٌ وَدِيعَةً. قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ كَلَامَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ، فَصَحَّ. كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ نَاقِصَةٌ. وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَدِيعَةً دَيْنًا، أَوْ مُضَارَبَةً دَيْنًا. صَحَّ، وَلَزِمَهُ ضَمَانُهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ يَتَعَدَّى فِيهَا، فَتَكُونُ دَيْنًا. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت أَنَّهُ شَرَطَ عَلَيَّ ضَمَانَهَا. لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ بِذَلِكَ دَيْنًا. وَإِنْ قَالَ: عِنْدَهُ مِائَةٌ وَدِيعَةً، شَرَطَ عَلَيَّ ضَمَانَهَا. لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهَا؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تَصِيرُ بِالشَّرْطِ مَضْمُونَةً.

وَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي مِائَةُ دِرْهَمٍ عَارِيَّةً. لَزِمَتْهُ، وَكَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ، سَوَاءٌ حَكَمْنَا بِصِحَّةِ الْعَارِيَّةِ فِي الدَّرَاهِمِ أَوْ بِفَسَادِهَا؛ لِأَنَّ مَا ضُمِنَ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ ضُمِنَ فِي الْفَاسِدِ. وَإِنْ قَالَ: أَوْدَعَنِي مِائَةً، فَلَمْ أَقْبِضْهَا. أَوْ أَقْرَضَنِي مِائَةً، فَلَمْ آخُذْهَا. قُبِلَ قَوْلُهُ مُتَّصِلًا، وَلَمْ يُقْبَلْ إذَا كَانَ مُنْفَصِلًا. وَهَكَذَا إذَا قَالَ: نَقَدَنِي مِائَةً، فَلَمْ أَقْبِضْهَا. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.

[فَصْل قَالَ لَهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ أَوْ لَهُ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ]

(٣٨٦٠) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: لَهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ. أَوْ: لَهُ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ. طُولِبَ بِالْبَيَانِ، فَإِنْ قَالَ: نَقَدَ عَنِّي أَلْفًا فِي ثَمَنِهِ. كَانَ قَرْضًا، وَإِنْ قَالَ: نَقَدَ فِي ثَمَنِهِ أَلْفًا. قُلْنَا: بَيِّنْ كَمْ ثَمَنُ الْعَبْدِ، وَكَيْفَ كَانَ الشِّرَاءُ؟ فَإِنْ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>