للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ نَظِيرٌ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ الَّتِي وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى اطِّرَاحِهَا، وَضَرَرُ شَرِيكِهِ بِفَسْخِ عَقْدِهِ مُعْتَبَرٌ فِي سَائِرِ عُقُودِهِ: مِنْ بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ وَرَهْنِهِ. . وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَيَكُونُ أَوْلَى.

الثَّالِثُ: أَنَّ ضَرَرَ الْفَسْخِ يَتَعَدَّى إلَى الْمُكَاتَبِ فَيَكُونُ ضَرَرًا بِاثْنَيْنِ، وَضَرَرَ الْفَاسِخِ لَا يَتَعَدَّاهُ، ثُمَّ لَوْ قُدِّرَ تَسَاوِي الضَّرَرَيْنِ لَوَجَبَ إبْقَاءُ الْحُكْمِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ إحْدَاثُ الْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ رَاجِحٍ.

[مَسْأَلَةٌ الْمُكَاتَبُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ.]

(٨٧٦٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ اسْتَقْبَلَ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ حَوْلًا ثُمَّ زَكَّاهُ إنْ كَانَ نِصَابًا) . وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، فَإِذَا عَتَقَ صَارَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ حِينَئِذٍ فَيَبْتَدِئُ حَوْلُ الزَّكَاةِ مِنْ يَوْمِ عَتَقَ، فَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ إنْ كَانَ نِصَابًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نِصَابًا فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَيَصِيرُ هَذَا كَالْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ وَفِي يَدِهِ مَالٌ زَكَوِيٌّ يَبْلُغُ نِصَابًا فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ حِينَ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حِينَئِذٍ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا عَتَقَ وَفِي يَدِهِ مَالٌ أَبْقَاهُ لَهُ سَيِّدُهُ.

[مَسْأَلَةٌ فَسْخُ عَقْدِ الْكِتَابَةِ.]

(٨٧٦٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ نَجْمًا حَتَّى حَلَّ نَجْمٌ آخَرُ عَجَّزَهُ السَّيِّدُ إنْ أَحَبَّ وَعَادَ عَبْدًا غَيْرَ مُكَاتَبٍ) . وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ فَسْخَهَا قَبْلَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ حُلُولِ النَّجْمِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ فِي الْعَقْدِ مُؤَجَّلًا، وَإِذَا حَلَّ النَّجْمُ فَلِلسَّيِّدِ مُطَالَبَتُهُ بِمَا حَلَّ مِنْ نُجُومِهِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَهُ حَلَّ فَأَشْبَهَ دَيْنَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَلَهُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ وَتَأْخِيرُهُ بِهِ - سَوَاءٌ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْأَدَاءِ أَوْ عَاجِزًا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ سَمَحَ بِتَأْخِيرِهِ أَشْبَهَ دَيْنَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنْ اخْتَارَ الصَّبْرَ عَلَيْهِ لَمْ يَمْلِكْ الْعَبْدُ الْفَسْخَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا حَلَّ عَلَيْهِ نَجْمٌ أَوْ نَجْمَانِ أَوْ نُجُومُهُ كُلُّهَا فَوَقَفَ السَّيِّدُ عَنْ مُطَالَبَتِهِ وَتَرَكَهُ بِحَالِهِ، أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَنْفَسِخُ مَا داما ثَابِتَيْنِ عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ أَجَّلَهُ بِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُ الرُّجُوعُ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْحَالَّ لَا يَتَأَجَّلُ بِالتَّأْجِيلِ كَالْقَرْضِ.

وَإِنْ حَلَّ عَلَيْهِ نَجْمَانِ فَعَجَزَ عَنْهُمَا فَاخْتَارَ السَّيِّدُ فَسْخَ كِتَابَتِهِ وَرَدَّهُ إلَى الرِّقِّ فَلَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ حُضُورِ حَاكِمٍ وَلَا سُلْطَانٍ، وَلَا تَلْزَمُهُ الِاسْتِنَابَةُ. فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ وَالنَّخَعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا يَكُونُ عَجْزُهُ إلَّا عِنْدَ قَاضٍ، وَحُكِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إذَا عَجَزَ اُسْتُؤْنِيَ بَعْدَ الْعَجْزِ سَنَتَيْنِ.

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: شَهْرَيْنِ. . وَنَحْوُ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>