[مَسْأَلَةٌ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ الْجِهَادُ]
(٧٤١٦) قَالَ: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ الْعَمَلِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ أَفْضَلَ مِنْ الْجِهَادِ) رَوَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَنْ أَحْمَدَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، قَالَ الْأَثْرَمُ: قَالَ أَحْمَدُ: لَا نَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ أَفْضَلَ مِنْ السَّبِيلِ. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَذُكِرَ لَهُ أَمْرُ الْعَدُوِّ؟ فَجَعَلَ يَبْكِي، وَيَقُولُ: مَا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ أَفْضَلَ مِنْهُ.
وَقَالَ عَنْهُ غَيْرُهُ: لَيْسَ يَعْدِلُ لِقَاءَ الْعَدُوِّ شَيْءٌ. وَمُبَاشَرَةُ الْقِتَالِ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، وَاَلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ الْعَدُوَّ، هُمْ الَّذِينَ يَدْفَعُونَ عَنْ الْإِسْلَامِ وَعَنْ حَرِيمِهِمْ، فَأَيُّ عَمَلٍ أَفْضَلُ مِنْهُ، النَّاسُ آمِنُونَ وَهُمْ خَائِفُونَ، قَدْ بَذَلُوا مُهَجَ أَنْفُسِهِمْ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ لِمَوَاقِيتِهَا. قُلْت: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ. قُلْت ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ أَوْ أَيُّ الْأَعْمَالِ خَيْرٌ؟ قَالَ: إيمَانٌ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ. قِيلَ: ثُمَّ أَيُّ شَيْءٍ؟ قَالَ: الْجِهَادُ سَنَامُ الْعَمَلِ. قِيلَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ؟ رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَرَوَى الْخَلَّالُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِنْ عَمَلٍ أَفْضَلَ مِنْ جِهَادٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ حَجَّةٍ مَبْرُورَةٍ، لَا رَفَثَ فِيهَا وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ.» وَلِأَنَّ الْجِهَادَ بَذْلُ الْمُهْجَةِ وَالْمَالِ، وَنَفْعُهُ يَعُمُّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ، صَغِيرَهُمْ وَكَبِيرَهُمْ، قَوِيَّهُمْ وَضَعِيفَهُمْ، ذَكَرَهُمْ وَأُنْثَاهُمْ، وَغَيْرُهُ لَا يُسَاوِيه فِي نَفْعِهِ وَخَطَرِهِ، فَلَا يُسَاوِيه فِي فَضْلِهِ وَأَجْرِهِ.
[مَسْأَلَةٌ غزو الْبَحْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَزْوِ الْبَرِّ]
قَالَ: (وَغَزْوُ الْبَحْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَزْوِ الْبَرِّ) . وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْغَزْوَ فِي الْبَحْرِ مَشْرُوعٌ، وَفَضْلُهُ كَثِيرٌ. قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: «نَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ: فَقُلْت: مَا يُضْحِكُك يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ، غُزَاةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ، أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute