وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، يَجُوزُ.
وَبِهَذَا قَالَ وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. قَالَ إِسْحَاقُ: التَّحْرِيقُ سُنَّةٌ، إذَا كَانَ أَنْكَى فِي الْعَدُوِّ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: ٥] .
وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقَطَعَ، وَهُوَ الْبُوَيْرَةُ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: ٥] . وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ:
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: «فَحَدَّثَنِي أُسَامَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ عَهِدَ إلَيْهِ، فَقَالَ: أَغِرْ عَلَى أُبْنَا صَبَاحًا وَحَرِّقْ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
قِيلَ لِأَبِي مُسْهِرٍ: أُبْنَا. قَالَ: نَحْنُ أَعْلَمُ، هِيَ يُبْنَا فِلَسْطِينَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا أُبْنَا، كَمَا جَاءَتْ الرِّوَايَةُ، وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ أَرْضِ الْكَرْكِ، فِي أَطْرَافِ الشَّامِ، فِي النَّاحِيَةِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا أَبُوهُ، فَأَمَّا يُبْنَا فَهِيَ مِنْ أَرْضِ فِلَسْطِينَ، وَلَمْ يَكُنْ أُسَامَةُ لِيَصِلَ إلَيْهَا، وَلَا يَأْمُرُهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِغَارَةِ عَلَيْهَا، لِبُعْدِهَا، وَالْخَطَرِ بِالْمَصِيرِ إلَيْهَا، لِتَوَسُّطِهَا فِي الْبِلَادِ، وَبُعْدِهَا مِنْ طَرَفِ الشَّامِ، فَمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَأْمُرَهُ بِالتَّغْرِيرِ بِالْمُسْلِمِينَ، فَكَيْفَ يُحْمَلُ الْخَبَرُ عَلَيْهَا، مَعَ مُخَالَفَةِ لَفْظِ الرِّوَايَةِ، وَفَسَادِ الْمَعْنَى،.
[مَسْأَلَة الْمُسْلِم يَتَزَوَّجُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ]
(٧٥٨٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَلَا يَتَزَوَّجُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، إلَّا أَنْ تَغْلِبَ عَلَيْهِ الشَّهْوَةُ، فَيَتَزَوَّجَ مُسْلِمَةً، وَيَعْزِلَ عَنْهَا. وَلَا يَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ، وَمَنْ اشْتَرَى مِنْهُمْ جَارِيَةً، لَمْ يَطَأْهَا فِي الْفَرْجِ، وَهُوَ فِي أَرْضِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute