وَإِنْ أَكَلَ حَبًّا يُقْتَاتُ خُبْزُهُ، حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى قُوتًا، وَلِذَلِكَ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَدَّخِرُ قُوتَ عِيَالِهِ لِسَنَةٍ. وَإِنَّمَا يُدَّخَرُ الْحَبُّ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَاتُ كَذَلِكَ. وَإِنْ أَكَلَ عِنَبًا، أَوْ حِصْرِمًا، أَوْ خَلًّا، لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ قُوتًا.
[فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَمْلِكُ مَالًا]
(٨١٤٣) فَصْلٌ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُ مَالًا، حَنِثَ بِمِلْكِ كُلِّ مَا يُسَمَّى مَالًا، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْأَثْمَانِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْعَقَارِ وَالْأَثَاثِ وَالْحَيَوَانِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ إذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِجَمِيعِ مَالِهِ، إنَّمَا يَتَنَاوَلُ نَذْرُهُ الصَّامِتَ مِنْ مَالِهِ. ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْمَالِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَحْنَثُ إلَّا إنْ مَلَكَ مَالًا زَكَوِيًّا، اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى قَالَ: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: ١٩] . فَلَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا الزَّكَوِيَّةَ. وَلَنَا، أَنَّ غَيْرَ الزَّكَوِيَّةِ أَمْوَالٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢٤] . وَهِيَ مِمَّا يَجُوزُ ابْتِغَاءُ النِّكَاحِ بِهَا. وَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إلَيَّ بَيْرُحَاءَ. يَعْنِي حَدِيقَةً. وَقَالَ عُمَرُ: أَصَبْت مَالًا بِأَرْضِ خَيْبَرَ، لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: اشْتَرَيْت مَخْرَفًا، فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «خَيْرُ الْمَالِ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ، أَوْ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ» . وَيُقَال: خَيْرُ الْمَالِ عَيْنٌ خَرَّارَةٌ، فِي أَرْضٍ خَوَّارَةٍ. وَلِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute