للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ أَوْصَى لَمَا تَحْمِلُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ]

(٤٦٦٥) فَصْلٌ: وَإِذَا أَوْصَى لِمَا تَحْمِلُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ، لَمْ يَصِحَّ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: يَصِحُّ، كَمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَا تَحْمِلُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ. وَلَنَا، أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ، فَلَا تَصِحُّ لِلْمَعْدُومِ، بِخِلَافِ الْمُوصَى بِهِ، فَإِنَّهُ يُمْلَكُ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ وُجُودُهُ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُجْرِيَتْ مُجْرَى الْمِيرَاثِ، وَلَوْ مَاتَ إنْسَانٌ لَمْ يَرِثْهُ مِنْ الْحَمْلِ إلَّا مَنْ كَانَ مَوْجُودًا، كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ. وَلَوْ تَجَدَّدَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ بَعْد مَوْتِهِ، بِأَنْ يَسْقُطَ فِي شَبَكَتِهِ صَيْدٌ، لَوَرِثَهُ وَرَثَتُهُ، وَلِذَلِكَ قَضَيْنَا بِثُبُوتِ الْإِرْثِ فِي دِيَتِهِ، وَهِيَ تَتَحَدَّدُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَجَازَ أَنْ تُمْلَكَ بِالْوَصِيَّةِ. فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَحْدُثُ مِنْ وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ فُلَانٍ صَحَّ، فَالْوَصِيَّةُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ وَالْمَجْهُولِ، بِخِلَافِ الْوَقْفِ. قُلْنَا: الْوَصِيَّةُ أُجْرِيَتْ مُجْرَى الْمِيرَاثِ، وَلَا يَحْصُلُ الْمِيرَاثُ إلَّا لِمَوْجُودٍ، فَكَذَا الْوَصِيَّةُ، وَالْوَقْفُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ، فَمِنْ ضَرُورَتِهِ إثْبَاتُهُ لِلْمَعْدُومِ.

[فَصْلٌ أَوْصَى لِحَمْلِ امْرَأَةٍ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى]

(٤٦٦٦) فَصْلٌ: وَإِذَا أَوْصَى لِحَمْلِ امْرَأَةٍ، فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى، فَالْوَصِيَّةُ لَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَطِيَّةٌ وَهِبَةٌ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَهَبَهُمَا شَيْئًا بَعْدَ وِلَادَتِهِمَا. وَإِنْ فَاضَلَ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ عَلَى مَا قَالَ، كَالْوَقْفِ. وَإِنْ قَالَ: إنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا غُلَامٌ فَلَهُ دِينَارَانِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ جَارِيَةٌ فَلَهَا دِينَارٌ. فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا وَصَّى لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ وُجِدَ فِيهِ. وَإِنْ وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا مُنْفَرِدًا، فَلَهُ وَصِيَّتُهُ. وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ حَمْلُهَا، أَوْ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِهَا غُلَامًا. فَلَهُ دِينَارَانِ، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَلَهَا دِينَارٌ. فَوَلَدَتْ أَحَدَهُمَا مُنْفَرِدًا، فَلَهُ وَصِيَّتُهُ. وَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً، فَلَا شَيْءَ لَهُمَا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ هُوَ جَمِيعَ الْحَمْلِ. وَلَا كُلَّ مَا فِي الْبَطْنِ. وَبِهَذَا قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبُو ثَوْرٍ.

[فَصْل أَوْصَى بِثَمَرَةِ شَجَرَةٍ أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ غَلَّةِ دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ]

(٤٦٦٧) فَصْلٌ: وَإِنْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ شَجَرَةٍ، أَوْ بُسْتَانٍ، أَوْ غَلَّةِ دَارٍ، أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ، صَحَّ، سَوَاءٌ وَصَّى بِذَلِكَ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، أَوْ بِجَمِيعِ الثَّمَرَةِ وَالْمَنْفَعَةِ فِي الزَّمَانِ كُلِّهِ. هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، مِنْهُمْ؛ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّهَا مَعْدُومَةٌ. وَلَنَا، أَنَّهُ يَصِحُّ تَمْلِيكُهَا بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا، كَالْأَعْيَانِ. وَيُعْتَبَرُ خُرُوجُ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي سُكْنَى الدَّارِ. وَهُوَ قَوْلُ كُلِّ مَنْ قَالَ بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِهَا. فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ، أُجِيزَ مِنْهَا بِقَدْرِ الثُّلُثِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ، فَالْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ تَسْلِيمِ خِدْمَتِهِ سَنَةً، وَبَيْنَ تَسْلِيمِ ثُلُثِ الْمَالِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَأَبُو ثَوْرٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>