الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ، وَيُعَزَّرُ. فَإِنْ وَلَدَتْ فَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَنَسَبُهُ لَاحِقٌ بِهِ، وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَكَ أَمَةً مَجُوسِيَّةً، أَوْ وَثَنِيَّةً، فَاسْتَوْلَدَهَا، أَوْ مَلَكَ الْكَافِرُ أَمَةً مُسْلِمَةً فَاسْتَوْلَدَهَا، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَيُعَزَّرُ، وَيَلْحَقُهُ نَسَبُ وَلَدِهِ، وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا. وَكَذَلِكَ لَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ، أَوْ وَطِئَ رَبُّ الْمَالِ أَمَةً مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَأَوْلَدَهَا، صَارَتْ لَهُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ، وَخَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ وَالْمُضَارَبَةِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْمُرْتَهِنِ، تُجْعَلُ مَكَانَهَا رَهْنًا، أَوْ تَوْفِيَةً عَنْ دَيْنِ الرَّهْنِ، وَتَنْفَسِخُ الْمُضَارَبَةُ فِيهَا. وَإِنْ كَانَ فِيهَا رِبْحٌ، جُعِلَ الرِّبْحُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[مَسْأَلَةٌ لِأُمَّ الْوَلَد شُرُوطًا ثَلَاثَةً]
(٨٨٦٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا عَلِقَتْ مِنْهُ بِحُرٍّ فِي مِلْكِهِ، فَوَضَعَتْ بَعْضَ مَا يَسْتَبِين فِيهِ خَلْقُ الْإِنْسَانِ، كَانَتْ لَهُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ) ذَكَرَ الْخِرَقِيِّ لِمَصِيرِهَا أُمَّ وَلَدٍ شُرُوطًا ثَلَاثَةً؛ أَحَدُهَا، أَنْ تَعْلَقَ مِنْهُ بِحُرٍّ. فَأَمَّا إنْ عَلِقَتْ مِنْهُ بِمَمْلُوكٍ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمِلْكِ فِي مَوْضِعَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، فِي الْعَبْدِ إذَا مَلَكَهُ سَيِّدُهُ، وَقُلْنَا: إنَّهُ يَمْلِكُ. فَإِنَّهُ إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ وَاسْتَوْلَدَهَا، فَوَلَدُهُ مَمْلُوكٌ، وَلَا تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ يَثْبُتُ لَهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ بِذَلِكَ، وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّسَرِّي بِهَا أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ. وَالثَّانِي، إذَا اسْتَوْلَدَ الْمُكَاتَبُ أَمَتَهُ، فَإِنَّ وَلَدَهُ مَمْلُوكٌ لَهُ، وَأَمَّا الْأَمَةُ، فَإِنَّهُ لَا تَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ فِي الْعِتْقِ بِمَوْتِهِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَيْسَ بِحُرٍّ، وَوَلَدُهُ مِنْهَا لَيْسَ بِحُرٍّ، فَأَوْلَى أَنْ لَا تَتَحَرَّرَ. هِيَ وَمَتَى عَجَزَ الْمُكَاتَبُ، وَعَادَ إلَى الرِّقِّ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ، فَهِيَ أَمَةٌ قِنٌّ، كَأَمَةِ الْعَبْدِ الْقِنِّ. وَهَلْ يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ بَيْعَهَا، وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا؟ فِيهِ اخْتِلَافٌ، ذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ، أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الِاسْتِيلَادِ، وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِحَالٍ. وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِمَمْلُوكٍ فِي مِلْكٍ غَيْرِ تَامٍّ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الِاسْتِيلَادِ، كَأَمَةِ الْعَبْدِ الْقِنِّ. وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ، لَا يَمْلِكُ بَيْعَهَا، وَلَا نَقْلَ الْمِلْكِ فِيهَا، فَإِنْ عَتَقَ، صَارَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ، تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ، فَيَثْبُتُ لَهَا مِنْ حُرْمَةِ الِاسْتِيلَادِ، مَا يَثْبُتُ لِوَلَدِهَا مِنْ حُرْمَةِ الْحُرِّيَّةِ.
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. عَلَى مَنْعِ بَيْعِهَا، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا. الشَّرْطُ الثَّانِي، أَنْ تَعْلَقَ مِنْهُ فِي مِلْكِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ وَطْءٍ مُبَاحٍ أَمْ مُحَرَّمٍ، مِثْلُ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ، أَوْ النِّفَاسِ، أَوْ الصَّوْمِ، أَوْ الْإِحْرَامِ، أَوْ الظِّهَارِ، أَوْ غَيْرِهِ. فَأَمَّا إنْ عَلِقَتْ مِنْهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، لَمْ تَصِرْ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute