للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ حَمَلَتْ الْمَغْرُورُ بِهَا فَضَرَبَ بَطْنَهَا ضَارِبٌ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا]

(٥٢٦٨) فَصْلٌ: إذَا حَمَلَتْ الْمَغْرُورُ بِهَا، فَضَرَبَ بَطْنَهَا ضَارِبٌ، فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، فَعَلَى الضَّارِبِ غُرَّةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْجَنِينَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ، وَيَرِثُهَا وَرَثَتُهُ مَنْ كَانُوا، وَعَلَى الضَّارِبِ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ. وَإِنْ كَانَ الضَّارِبُ أَبَاهُ، لَمْ يَرِثْهُ، وَوَرِثَهُ أَقَارِبُهُ. وَلَا يَجِبُ بَذْلُ هَذَا الْوَلَدِ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بَذْلَ حَيٍّ، وَهَذَا مَيِّتٌ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ لَهُ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ؛ لِأَنَّ الْوَاطِئَ فَوَّتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِاعْتِقَادِ الْحُرِّيَّةِ، وَلَوْلَاهُ لَوَجَبَ لَهُ ذَلِكَ.

[فَصْلٌ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ]

(٥٢٦٩) فَصْلٌ: إذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ، فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الصِّفَةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ. وَهَذَا إذَا كَمُلَتْ شُرُوطُ النِّكَاحِ، وَكَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حُرَّةً، وَقُلْنَا: الْحُرِّيَّةُ لَيْسَتْ مِنْ شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ. أَوْ أَنَّ فَقْدَ الْكَفَاءَةِ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ. فَهُوَ صَحِيحٌ، وَلِلْمَرْأَةِ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ، فَإِنْ اخْتَارَتْ إمْضَاءَهُ فَلِأَوْلِيَائِهَا الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ. وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْعَبْدِ إذَا غُرَّ بِأَمَةٍ، ثَبَتَ لِلْأَمَةِ إذَا غُرَّتْ بِعَبْدٍ.

وَكُلُّ مَوْضِعٍ حَكَمْنَا بِفَسَادِ الْعَقْدِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، أَوْ الْمُسَمَّى، عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ الِاخْتِلَافِ. وَكُلُّ مَوْضِعٍ فُسِخَ النِّكَاحُ مَعَ الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَهَا الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ طَرَأَ عَلَى نِكَاحٍ، فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ.

[فَصْلٌ غَرَّهَا بِنَسَبٍ فَبَانَ دُونَهُ]

(٥٢٧٠) فَصْلٌ: فَإِنْ غَرَّهَا بِنَسَبٍ، فَبَانَ دُونَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ مُخِلًّا بِالْكَفَاءَةِ، وَقُلْنَا بِصِحَّةِ النِّكَاحِ، فَلَهَا الْخِيَارُ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْإِمْضَاءَ، فَلِأَوْلِيَائِهَا الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يُخِلَّ بِالْكَفَاءَةِ، فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي النِّكَاحِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرْطُهُ فَقِيهًا، فَبَانَ بِخِلَافِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ شَرَطَتْ غَيْرَ النَّسَبِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَافِئٍ لَهَا فِي النَّسَبِ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الْكَفَاءَةِ، كَالْفِقْهِ وَالْجَمَالِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُعْتَبَرْ فِي النِّكَاحِ، فَلَا يُؤَثِّرُ اشْتِرَاطُهُ.

وَذُكِرَ فِيمَا إذَا بَانَ نَسَبُهُ دُونَ مَا ذُكِرَ وَجْهٌ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهَا إنْ لَمْ يُخِلَّ بِالْكَفَاءَةِ، وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[إنْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا فَوَلَدُهُ أَحْرَارٌ]

(٥٢٧١) قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا فَوَلَدُهُ أَحْرَارٌ، وَيَفْدِيهِمْ إذَا عَتَقَ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>