[كِتَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]
ِ الْأَصْلُ فِي فَرْضِ الْجُمُعَةِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ. أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] . فَأَمَرَ بِالسَّعْيِ، وَيَقْتَضِي الْأَمْرُ الْوُجُوبَ، وَلَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَّا إلَى الْوَاجِبِ. وَنَهَى عَنْ الْبَيْعِ؛ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بِهِ عَنْهَا، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً لَمَا نَهَى عَنْ الْبَيْعِ مِنْ أَجْلِهَا، وَالْمُرَادُ بِالسَّعْيِ هَاهُنَا الذَّهَابُ إلَيْهَا، لَا الْإِسْرَاعُ، فَإِنَّ السَّعْيَ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَمْ يُرَدْ بِهِ الْعَدْوُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى} [عبس: ٨] . وَقَالَ: {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: ١٩] وَقَالَ: {سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا} [البقرة: ٢٠٥] . وَقَالَ: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: ٣٣] . وَأَشْبَاهُ هَذَا لَمْ يُرِدْ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَدْوِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ.
وَأَمَّا السُّنَّةُ، فَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ» وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوْ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ» . رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد.
وَعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ الْجُمُعَةَ فِي مَقَامِي هَذَا، فِي يَوْمِي هَذَا، فِي شَهْرِي هَذَا، مِنْ عَامِي هَذَا، فَمَنْ تَرَكَهَا فِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدَ مَمَاتِي، وَلَهُ إمَامٌ عَادِلٌ أَوْ جَائِرٌ، اسْتِخْفَافًا بِهَا، أَوْ جُحُودًا لَهَا، فَلَا جَمَعَ اللَّهُ لَهُ شَمْلَهُ، وَلَا بَارَكَ لَهُ فِي أَمْرِهِ، أَلَا وَلَا صَلَاةَ لَهُ، أَلَا وَلَا زَكَاةَ لَهُ، أَلَا وَلَا حَجَّ لَهُ، أَلَا وَلَا صَوْمَ لَهُ، وَلَا بِرَّ لَهُ، حَتَّى يَتُوبَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ الْجُمُعَةِ.
[مَسْأَلَةٌ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَعِدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ]
(١٢٨٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَعِدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ) الْمُسْتَحَبُّ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. قَالَ مَسْلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ: «كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ.» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
وَلِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute