للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٦١٩) فَصْلٌ: وَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا دُونِ صَاحِبِهِ، فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ هَانِئٍ. وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلَيْنِ يَشْتَرِكَانِ فِي عَمَلِ الْأَبْدَانِ، فَيَأْتِي أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ، وَلَا يَأْتِي الْآخَرُ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، هَذَا بِمَنْزِلَةِ حَدِيثِ سَعْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ. يَعْنِي حَيْثُ اشْتَرَكُوا فَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ وَأَخْفَقَ الْآخَرَانِ.

وَلِأَنَّ الْعَمَلَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِمَا مَعًا، وَبِضَمَانِهِمَا لَهُ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ، فَيَكُونُ لَهُمَا كَمَا كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، وَيَكُونُ الْعَامِلُ عَوْنًا لِصَاحِبِهِ فِي حِصَّتِهِ. وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ اسْتِحْقَاقَهُ، كَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَقْصُرَ لَهُ ثَوْبًا، فَاسْتَعَانَ الْقَصَّارُ بِإِنْسَانِ. فَقَصَرَ مَعَهُ، كَانَتْ الْأُجْرَةُ لِلْقِصَارِ الْمُسْتَأْجَرِ. كَذَا هَاهُنَا.

وَسَوَاءٌ تَرَكَ الْعَمَلَ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْره، فَإِنْ طَالَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ أَوْ يُقِيمَ مُقَامَهُ مَنْ يَعْمَلُ، فَلَهُ ذَلِكَ. فَإِنْ امْتَنَعَ، فَلِلْآخَرِ الْفَسْخُ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَتَى تَرَكَ الْعَمَلَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، أَنْ لَا يُشَارِكْ صَاحِبَهُ فِي أُجْرَةِ مَا عَمِلَهُ دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَارَكَهُ لِيَعْمَلَا جَمِيعًا، فَإِذَا تَرَكَ أَحَدُهُمَا الْعَمَلَ، فَمَا وَفَى بِمَا شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ مَا جُعِلَ لَهُ فِي مُقَابَلَتِهِ. وَإِنَّمَا احْتَمَلَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا تَرَكَ أَحَدُهُمَا الْعَمَلَ لِعُذْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ.

[فَصْلٌ اشْتَرَكَ رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَابَّةٌ عَلَى أَنْ يُؤْجَرَاهُمَا فَمَا رَزَقَهُمَا اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا]

(٣٦٢٠) فَصْلٌ: فَإِنْ اشْتَرَكَ رَجُلَانِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَابَّةٌ، عَلَى أَنْ يُؤْجَرَاهُمَا، فَمَا رَزَقَهُمَا اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، صَحَّ. فَإِذَا تَقَبَّلَا حَمْلَ شَيْءٍ مَعْلُومٍ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فِي ذِمَّتِهِمَا، ثُمَّ حَمَلَاهُ عَلَى الْبَهِيمَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا، صَحَّ، وَالْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ؛ لِأَنَّ تَقَبُّلَهُمَا الْحَمْلَ أَثْبَتِ الضَّمَانَ، فِي ذِمَّتهمَا، وَلَهُمَا أَنْ يَحْمِلَاهُ بِأَيِّ ظَهْرٍ كَانَ، وَالشَّرِكَةُ تَنْعَقِدُ عَلَى الضَّمَانِ، كَشَرِكَةِ الْوُجُوهِ.

وَإِنْ أَجَرَاهُمَا بِأَعْيَانِهِمَا عَلَى حَمْلِ شَيْءٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ، لَمْ تَصِحَّ الشَّرِكَةُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَجْرُ دَابَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُجِبْ ضَمَانُ الْحَمْلِ فِي ذِمَمِهِمَا، وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الْمُكْتَرِي مَنْفَعَةَ الْبَهِيمَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا، وَلِهَذَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الدَّابَّةِ الَّتِي اكْتَرَاهَا، وَلِأَنَّ الشَّرِكَةَ إمَّا أَنْ تَنْعَقِدَ عَلَى الضَّمَانِ فِي ذِمَمِهِمَا، أَوْ عَلَى عَمَلِهِمَا. وَلَيْسَ هَذَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي ذِمَمِهِمَا ضَمَانٌ، وَلَا عَمِلَا بِأَبْدَانِهِمَا مَا يَجِبُ الْأَجْرُ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَلِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ، وَالْوَكَالَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تَصِحُّ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: آجِرِهِ عَبْدَك، وَتَكُونُ أُجْرَتُهُ بَيْنِي وَبَيْنَك.

لَمْ تَصِحَّ. كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْ عَبْدَك وَثَمَنُهُ بَيْنَنَا. لَمْ يَصِحَّ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَصِحَّ الشَّرِكَةُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَكَا فِيمَا يَكْتَسِبَانِ مِنْ الْمُبَاحِ بِأَبْدَانِهِمَا. فَإِنْ أَعَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي التَّحْمِيلِ وَالنَّقْلِ، كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْله؛ لِأَنَّهَا مَنَافِعُ وَفَّاهَا بِشُبْهَةِ عَقْدٍ.

[فَصْلٌ كَانَ لِقِصَارِ أَدَاة وَلِآخِرِ بَيْت فَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَا بِأَدَاةِ هَذَا فِي بَيْت هَذَا]

(٣٦٢١) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ لِقَصَّارٍ أَدَاةٌ، وَلِآخَرَ بَيْتٌ، فَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَا بِأَدَاةِ هَذَا فِي بَيْتِ هَذَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>