وَلَنَا أَنَّهُ وَالِدٌ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّصِّ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْوِلَادَةِ، فَاسْتَوَى فِيهِ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ، كَالْمَحْرَمِيَّةِ، وَالْعِتْقِ إذَا مَلَكَهُ، وَالْجَدُّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ كَالْجَدِّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْبِنْتِ يُسَمَّى ابْنًا، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي الْحَسَنِ: إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» .
[مَسْأَلَةٌ الْأُمُّ فِي الْقِصَاصِ كَالْأَبِ]
(٦٦٢٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالْأُمُّ فِي ذَلِكَ كَالْأَبِ) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْد مُسْقِطِي الْقِصَاصِ عَنْ الْأَبِ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْ الْأُمِّ فَإِنَّ مُهَنَّا نَقَلَ عَنْهُ، فِي أُمِّ وَلَدٍ قَتَلَتْ سَيِّدَهَا عَمْدًا: تُقْتَلُ. قَالَ: مَنْ يَقْتُلُهَا؟ قَالَ: وَلَدُهَا. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى الْأُمِّ بِقَتْلِ وَلَدِهَا. وَخَرَّجَهَا أَبُو بَكْرٍ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا: أَنَّ الْأُمَّ تُقْتَلُ بِوَلَدِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهَا عَلَيْهِ، فَتُقْتَلُ بِهِ، كَالْأَخِ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ» . وَلِأَنَّهَا أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ، فَأَشْبَهْت الْأَبَ، وَلِأَنَّهَا أَوْلَى بِالْبِرِّ، فَكَانَتْ أَوْلَى بِنَفْيِ الْقِصَاصِ عَنْهَا، وَالْوِلَايَةُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ؛ بِدَلِيلِ انْتِفَاءِ الْقِصَاصِ عَنْ الْأَبِ بِقَتْلِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِ، وَعَنْ الْجَدِّ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ، وَعَنْ الْأَبِ الْمُخَالِفِ فِي الدِّينِ، أَوْ الرَّقِيقِ. وَالْجَدَّةُ وَإِنْ عَلَتْ فِي ذَلِكَ كَالْأُمِّ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْجَدِّ.
(٦٦٢٤) فَصْلٌ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَالِدُ مُسَاوِيًا لِلْوَلَدِ فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ، أَوْ مُخَالِفًا لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْقِصَاصِ لِشَرَفِ الْأُبُوَّةِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ حَالٍ، فَلَوْ قَتَلَ الْكَافِرُ وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ، أَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ الْكَافِرَ، أَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ وَلَدَهُ الْحُرَّ، أَوْ قَتَلَ الْحُرُّ وَلَدَهُ الْعَبْدَ، لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ لِشَرَفِ الْأُبُوَّةِ فِيمَا إذَا قَتَلَ وَلَدَهُ، وَانْتِفَاءُ الْمُكَافَأَةِ فِيمَا إذَا قَتَلَ وَالِدَهُ.
[فَصْلٌ ادَّعَى نَفَرَانِ نَسَبَ صَغِيرٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ ثُمَّ قَتَلَاهُ قَبْلَ إلْحَاقِهِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا]
(٦٦٢٥) فَصْلٌ: وَإِذَا ادَّعَى نَفَرَانِ نَسَبَ صَغِيرٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ، ثُمَّ قَتَلَاهُ قَبْلَ إلْحَاقِهِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ ابْنَهُمَا. وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ، قَتَلَاهُ، لَمْ يُقْتَلْ أَبُوهُ، وَقُتِلَ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكُ الْأَبِ فِي قَتْلِ ابْنِهِ. وَإِنْ رَجَعَا جَمِيعًا عَنْ الدَّعْوَى، لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُمَا؛ لِأَنَّ النَّسَبَ حَقٌّ لِلْوَلَدِ، فَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُمَا عَنْ إقْرَارِهِمَا بِهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِحَقِّ سِوَاهُ، أَوْ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ وَاحِدٌ، فَأُلْحِقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute