سَهْمِي. قَالَ: مَا رَدَّ عَلَيْك سَهْمُك، فَكُلْ. قَالَ: وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنِّي؟ قَالَ: وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنْك، مَا لَمْ تَجِدْ فِيهِ أَثَرًا غَيْرَ سَهْمِك، أَوْ تَجِدْهُ قَدْ صَلَّ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا رَمَيْت الصَّيْدَ، فَأَدْرَكْته بَعْدَ ثَلَاثٍ وَسَهْمُك فِيهِ، فَكُلْهُ، مَا لَمْ يُنْتِنْ» . وَلِأَنَّ جَرْحَهُ بِسَهْمِهِ سَبَبُ إبَاحَتِهِ، وَقَدْ وُجِدَ يَقِينًا، وَالْمُعَارِضُ لَهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلَا تَزُولُ عَنْ الْيَقِينِ بِالشَّكِّ، وَلِأَنَّهُ وَجَدَهُ وَسَهْمُهُ فِيهِ، وَلَمْ يَجِدْ بِهِ أَثَرًا آخَرَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتْرُكْ طَلَبَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، أَوْ كَمَا لَوْ غَابَ نَهَارًا، أَوْ مُدَّةً يَسِيرَةً، أَوْ كَمَا لَوْ لَمْ يَغِبْ، إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حِلِّهِ شَرْطَانِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ يَجِدَ سَهْمَهُ فِيهِ، أَوْ أَثَرَهُ وَيَعْلَمَ أَنَّهُ أَثَرُ سَهْمِهِ، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَهُوَ شَاكٌّ فِي وُجُودِ الْمُبِيحِ، فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ.
وَالثَّانِي، أَنْ لَا يَجِدَ بِهِ أَثَرًا غَيْرَ سَهْمِهِ، مِمَّا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَتَلَهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا لَمْ تَجِدْ فِيهِ أَثَرًا غَيْرَ سَهْمِك» وَفِي لَفْظٍ: " وَإِنْ وَجَدْت فِيهِ أَثَرًا غَيْرَ سَهْمِك، فَلَا تَأْكُلْهُ، فَإِنَّك لَا تَدْرِي، أَقَتَلْته أَنْتَ أَوْ غَيْرُك ". رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ. وَفِي لَفْظٍ: " إذَا وَجَدْت فِيهِ سَهْمَك، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ سَبُعٌ، فَكُلْ مِنْهُ ". رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَفِي حَدِيثِ عَدِيٍّ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَإِنْ رَمَيْت الصَّيْدَ، فَوَجَدْته بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، لَيْسَ بِهِ إلَّا أَثَرُ سَهْمِك، فَكُلْ، وَإِنْ وَقَعَ الْمَاءَ، فَلَا تَأْكُلْ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " وَإِنْ وَجَدْته غَرِيقًا فِي الْمَاءِ، فَلَا تَأْكُلْ ".
وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِهِ أَثَرٌ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَتَلَهُ، فَقَدْ تَحَقَّقَ الْمُعَارِضُ، فَلَمْ يُبَحْ، كَمَا لَوْ وَجَدَ مَعَ كَلْبِهِ كَلْبًا سِوَاهُ، فَأَمَّا إنْ كَانَ الْأَثَرُ مِمَّا لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ، مِثْلُ أَكْلِ حَيَوَانٍ ضَعِيفٍ، كَالسِّنَّوْرِ وَالثَّعْلَبِ، مِنْ حَيَوَانٍ قَوِيٍّ، فَهُوَ مُبَاحٌ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا لَمْ يَقْتُلْهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَهَشَّمَ مِنْ وَقْعَتِهِ.
[مَسْأَلَةٌ رَمَى صَيْدَهُ فَوَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ]
(٧٧٢٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ " (وَإِذَا رَمَاهُ، فَوَقَعَ فِي مَاءٍ، أَوْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ، لَمْ يُؤْكَلْ) يَعْنِي وَقَعَ فِي مَاءٍ يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ، أَوْ تَرَدَّى تَرَدِّيًا يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ. وَلَا فَرْقَ فِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ بَيْنَ كَوْنِ الْجِرَاحَةِ مُوحِيَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute