للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل اشْتَرَطَ السَّيِّدُ عَلَى الْمَكَاتِب أَنْ يَرِثَهُ دُونَ وَرَثَتِهِ]

(٨٨٤٠) فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَطَ السَّيِّدُ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَنْ يَرِثَهُ دُونَ وَرَثَتِهِ، أَوْ يُزَاحِمَهُمْ فِي مَوَارِيثِهِمْ، فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ. فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمْ الْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَشُرَيْحٌ: وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَإِسْحَاقَ. وَأَجَازَ إيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مِنْ، مِيرَاثِهِ. وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَهُوَ بَاطِلٌ، بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ رَجُلًا كَاتَبَ مَمْلُوكَهُ، وَاشْتَرَطَ مِيرَاثَهُ، فَلَمَّا مَاتَ الْمُكَاتَبُ، تَخَاصَمَ وَرَثَتُهُ إلَى شُرَيْحٍ، فَقَضَى شُرَيْحٌ بِمِيرَاثِ الْمُكَاتَبِ لِوَرَثَتِهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا يُغْنِي عَنِّي شَرْطِي مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً؟ فَقَالَ شُرَيْحٌ: كِتَابُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ قَبْلَ شَرْطِكَ بِخَمْسِينَ سَنَةً. وَلَا تَفْسُدُ الْكِتَابَةُ بِهَذَا الشَّرْطِ، كَاَلَّذِي قَبْلَهُ.

[فَصْلٌ شَرَطَ عَلَى الْمَكَاتِب خِدْمَةً مَعْلُومَةً بَعْدَ الْعِتْقَ]

(٨٨٤١) فَصْلٌ: وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ خِدْمَةً مَعْلُومَةً بَعْدَ الْعِتْقَ، جَازَ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَقَالَ مَالِكٌ، وَالزُّهْرِيُّ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَ مِيرَاثَهُ. وَلَنَا، أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَعْتَقَ كُلَّ مَنْ يُصَلِّي مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ، وَشَرَطَ عَلَيْهِمْ، أَنَّكُمْ تَخْدُمُونَ الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ. وَلِأَنَّهُ اشْتَرَطَ خِدْمَةً فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ، وَلِأَنَّهُ شَرَطَ نَفْعًا مَعْلُومًا، أَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَ عِوَضًا مَعْلُومًا، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ؛ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ الْعِتْقُ عِنْدَ الْأَدَاءِ، وَهَذَا لَا يُنَافِيه.

[فَصْلٌ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ فِي رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ أَلْفٌ وَشَرَطَ أَنْ يَعْتِقَ عِنْدَ أَدَاءِ الْأَوَّلِ]

(٨٨٤٢) فَصْلٌ: وَإِذَا كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ، فِي رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ أَلْفٌ، وَشَرَطَ أَنْ يَعْتِقَ عِنْدَ أَدَاءِ الْأَوَّلِ، صَحَّ، فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، وَيَعْتِقُ عِنْدَ أَدَائِهِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ أَدَاءِ شَيْءٍ، صَحَّ، فَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَهُ عِنْدَ أَدَاءِ الْبَعْضِ، وَيَبْقَى الْآخَرُ دَيْنًا عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِهِ.

[مَسْأَلَةٌ أَسَرَ الْعَدُوُّ الْمَكَاتِب فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ فَأَخْرَجَهُ إلَى سَيِّدِهِ فَأَحَبَّ أَخْذَهُ]

(٨٨٤٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا أَسَرَ الْعَدُوُّ الْمُكَاتَبَ، فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ، فَأَخْرَجَهُ إلَى سَيِّدِهِ، فَأَحَبَّ أَخْذَهُ، أَخَذَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ، فَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُحِبَّ أَخْذَهُ، فَهُوَ عَلَى مِلْكِ مُشْتَرِيه، مُبْقًى عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ، يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ، وَوَلَاؤُهُ لِمَنْ يُؤَدِّي إلَيْهِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْكُفَّارَ إذَا أَسَرُوا مُكَاتَبًا، ثُمَّ اسْتَنْقَذَهُ الْمُسْلِمُونَ، فَالْكِتَابَةُ بِحَالِهَا؛ فَإِنْ أُخِذَ فِي الْغَنَائِمِ، فَعُلِمَ بِحَالِهِ، أَوْ أَدْرَكَهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ قَسْمِهِ، أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَكَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ كَمَنْ لَمْ يُؤْسَرْ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ حَتَّى قُسِمَ، وَصَارَ فِي سَهْمِ بَعْضِ الْغَانِمِينَ، أَوْ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ قَسْمِهِ، أَوْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَأَخْرَجَهُ إلَى سَيِّدِهِ، فَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>