قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: هُوَ الْمُحَلِّلُ. لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ.» وَرَوَى الْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْت عُمَرَ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاَللَّهِ لَا أُوتَى بِمُحِلٍّ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتُهُمَا. وَلِأَنَّهُ نِكَاحٌ إلَى مُدَّةٍ، أَوْ فِيهِ شَرْطٌ يَمْنَعُ بَقَاءَهُ فَأَشْبَهَ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ.
[فَصْلٌ شَرَطَ عَلَيْهِ التَّحْلِيلَ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاح وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْعَقْد وَنَوَاهُ فِيهِ]
(٥٤٩٢) فَصْلٌ: فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ التَّحْلِيلَ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْعَقْدِ وَنَوَاهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ نَوَى التَّحْلِيلَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ أَيْضًا. قَالَ. إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ، وَفِي نَفْسِهِ أَنْ يُحَلِّلَهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ، وَلَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ. قَالَ: هُوَ مُحَلِّلٌ، إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِحْلَالَ، فَهُوَ مَلْعُونٌ. وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَرَوَى نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: امْرَأَةٌ تَزَوَّجْتُهَا، أُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا، لَمْ يَأْمُرْنِي، وَلَمْ يَعْلَمْ. قَالَ: لَا، إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ، إنْ أَعْجَبَتْك أَمْسِكْهَا، وَإِنْ كَرِهْتَهَا فَارِقْهَا
قَالَ: وَإِنْ كُنَّا نَعُدُّهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِفَاحًا. وَقَالَ: لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ، وَإِنْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً، إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُحِلّهَا. وَهَذَا قَوْلُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَجَاءَ رَجُلُ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ لَهُ إنَّ عَمِّي طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، أَيُحِلُّهَا لَهُ رَجُلٌ؟ قَالَ: مَنْ يُخَادِعْ اللَّهَ يَخْدَعْهُ. وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَبَكْرٍ الْمُزَنِيّ، وَاللَّيْثِ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: الْعَقْدُ صَحِيحٌ. وَذَكَرِ الْقَاضِي فِي صِحَّتِهِ وَجْهًا مِثْلَ قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُ خَلَا عَنْ شَرْطٍ يُفْسِدُهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى طَلَاقَهَا لِغَيْرِ الْإِحْلَالِ، أَوْ مَا لَوْ نَوَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا يَبْطُلُ بِمَا شُرِطَ لَا بِمَا قُصِدَ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَشَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ، لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ نَوَى ذَلِكَ، لَمْ يَبْطُلُ
وَلِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، مَا يَدُلُّ عَلَى إجَازَتِهِ. وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: قَدِمَ مَكَّةَ رَجُلٌ، وَمَعَهُ إخْوَةٌ لَهُ صِغَارٌ، وَعَلَيْهِ إزَارٌ، مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ رُقْعَةٌ، وَمِنْ خَلْفِهِ رُقْعَةٌ، فَسَأَلَ عُمَرَ، فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إذْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute