للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ يُسْتَحَبّ أَنْ يَلِي الْمَرِيض مَرَض الْمَوْت أُرْفِق أَهْله بِهِ وَأَعْلَمهُمْ بِسِيَاسَتِهِ]

(١٤٩٣) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْمَرِيضَ أَرْفَقُ أَهْلِهِ بِهِ، وَأَعْلَمُهُمْ بِسِيَاسَتِهِ، وَأَتْقَاهُمْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لِيُذَكِّرَهُ اللَّهَ تَعَالَى، وَالتَّوْبَةَ مِنْ الْمَعَاصِي، وَالْخُرُوجَ مِنْ الْمَظَالِمِ، وَالْوَصِيَّةَ. وَإِذَا رَآهُ مَنْزُولًا بِهِ تَعَهَّدَ بَلَّ حَلْقِهِ، بِتَقْطِيرِ مَاءٍ أَوْ شَرَابٍ فِيهِ، وَيُنَدِّي شَفَتَيْهِ بِقُطْنَةٍ، وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ الْقِبْلَةَ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُ الْمَجَالِسِ مَا اُسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ» . وَيُلَقِّنُهُ قَوْلَ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ "؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْ تَمُوتَ يَوْمَ تَمُوتُ وَلِسَانُك رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي لُطْفٍ وَمُدَارَاةٍ، وَلَا يُكَرِّرُ عَلَيْهِ، وَلَا يُضَجِّرَهُ، إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ، فَيُعِيدُ تَلْقِينَهُ؛ لِتَكُونَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ آخِرَ كَلَامِهِ نَصَّ عَلَى هَذَا أَحْمَدُ، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ جَعَلَ رَجُلٌ يُلَقِّنُهُ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " فَأَكْثَرَ عَلَيْهِ؛ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: إذَا قُلْت مَرَّةً فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مَا لَمْ أَتَكَلَّمْ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: إنَّمَا أَرَادَ عَبْدُ اللَّهِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ.

وَرَوَى سَعِيدٌ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قَالَ: أَجْلِسُونِي. فَلَمَّا أَجْلَسُوهُ قَالَ: كَلِمَةٌ سَمِعْتهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُنْت أَخْبَؤُهَا، وَلَوْلَا مَا حَضَرَنِي مِنْ الْمَوْتِ مَا أَخْبَرْتُكُمْ بِهَا، سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إلَّا هَدَمَتْ مَا كَانَ قَبْلَهَا مِنْ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبِ، فَلَقِّنُوهَا مَوْتَاكُمْ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ هِيَ لِلْأَحْيَاءِ؟ قَالَ هِيَ أَهْدَمُ وَأَهْدَمُ» .

قَالَ أَحْمَدُ: وَيَقْرَءُونَ عِنْدَ الْمَيِّتِ إذَا حَضَرَ، لِيُخَفَّفَ عَنْهُ بِالْقِرَاءَةِ، يُقْرَأُ {يس} [يس: ١] ، وَأَمَرَ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ. وَرَوَى سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا فَرْجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَسَدِ بْنِ وَدَاعَةَ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَ غُضَيْفَ بْنَ حَارِثٍ الْمَوْتُ، حَضَرَهُ إخْوَانُهُ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ يَقْرَأُ سُورَةَ (يس) ؟ قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: نَعَمْ. قَالَ: اقْرَأْ، وَرَتِّلْ، وَأَنْصِتُوا. فَقَرَأَ، وَرَتَّلَ. وَأَسْمَعَ الْقَوْمَ، فَلَمَّا بَلَغَ {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: ٨٣] . خَرَجَتْ نَفْسُهُ. قَالَ أَسَدُ بْنُ وَدَاعَةَ: فَمَنْ حَضَرَ مِنْكُمْ الْمَيِّتَ، فَشُدِّدَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ، فَلْيَقْرَأْ عِنْدَهُ سُورَةَ (يس) ، فَإِنَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُ الْمَوْتُ.

[مَسْأَلَةٌ التَّوْجِيه إلَى الْقِبْلَة لِلْمَرِيضِ مَرَض الْمَوْت]

(١٤٩٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: " (وَإِذَا تُيُقِّنَ الْمَوْتُ، وُجِّهَ إلَى الْقِبْلَةِ، وَغُمِّضَتْ عَيْنَاهُ، وَشُدَّ لَحْيَاهُ، لِئَلَّا يَسْتَرْخِيَ فَكُّهُ، وَجُعِلَ عَلَى بَطْنِهِ مِرْآةٌ أَوْ غَيْرُهَا؛ لِئَلَّا يَعْلُوَ بَطْنُهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>