[فَصْلٌ قَالَ لِرَجُلٍ يَا دَيُّوثُ يَا كَشْخَانُ]
(٧٢٢٤) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا دَيُّوثُ، يَا كَشْخَانُ. فَقَالَ أَحْمَدُ: يُعَزَّرُ. قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: الدَّيُّوثُ الَّذِي يُدْخِلُ الرِّجَالَ عَلَى امْرَأَتِهِ. وَقَالَ ثَعْلَبُ: الْقَرْطَبَانُ الَّذِي يَرْضَى أَنْ يَدْخُلَ الرِّجَالُ عَلَى امْرَأَتِهِ. وَقَالَ: الْقَرْنَانُ وَالْكَشْحَانُ، لَمْ أَرَهُمَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمَعْنَاهُمَا عِنْدَ الْعَامَّةِ مِثْلُ مَعْنَى الدَّيُّوثِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ. فَعَلَى الْقَاذِفِ بِهِ التَّعْزِيرُ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي الدَّيُّوثِ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَهُ بِمَا لَا حَدَّ فِيهِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ، فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا قَرْنَانُ: إذَا كَانَ لَهُ أَخَوَاتٌ أَوْ بَنَاتٌ فِي الْإِسْلَامِ، ضُرِبَ الْحَدَّ. يَعْنِي أَنَّهُ قَاذِفٌ لَهُنَّ. وَقَالَ خَالِدٌ، عَنْ أَبِيهِ الْقَرْنَانُ عِنْدَ الْعَامَّةِ: مَنْ لَهُ بَنَاتٌ. وَالْكَشْحَانُ: مَنْ لَهُ أَخَوَاتٌ. يَعْنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إذَا كَانَ يُدْخِلُ الرِّجَالَ عَلَيْهِنَّ.
وَالْقَوَّادُ عِنْدَ الْعَامَّةِ: السِّمْسَارُ فِي الزِّنَا. وَالْقَذْفُ بِذَلِكَ كُلِّهِ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ؛ لِأَنَّهُ قَذْفٌ بِمَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ.
[فَصْلٌ نَفَى رَجُلًا عَنْ أَبِيهِ]
(٧٢٢٥) فَصْلٌ: وَإِذَا نَفَى رَجُلًا عَنْ أَبِيهِ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَكَذَلِكَ إذَا نَفَاهُ عَنْ قَبِيلَتِهِ. وَبِهَذَا قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَإِسْحَاقُ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَحَمَّادٌ، إذَا نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَتْ أُمُّهُ مُسْلِمَةً، وَإِنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً أَوْ رَقِيقَةً، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ لَهَا. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ مَا رَوَى الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «لَا أُوتَى بِرَجُلٍ يَقُولُ: إنَّ كِنَانَةَ لَيْسَتْ مِنْ قُرَيْشٍ. إلَّا جَلَدْتُهُ» وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ لَا جَلْدَ إلَّا فِي اثْنَيْنِ؛ رَجُلٍ قَذَفَ مُحْصَنَةً أَوْ نَفَى رَجُلًا عَنْ أَبِيهِ. وَهَذَا لَا يَقُولُهُ إلَّا تَوْقِيفًا. فَأَمَّا إنْ نَفَاهُ عَنْ أُمِّهِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْذِفْ أَحَدًا بِالزِّنَا.
وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: إنْ لَمْ تَفْعَلْ كَذَا، فَلَسْت بِابْنِ فُلَانٍ. فَلَا حَدَّ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَجِبَ الْحَدُّ بِنَفْيِ الرَّجُلِ عَنْ قَبِيلَتِهِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الرَّمْيُ بِالزِّنَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ لِلْأَعْجَمِيِّ: إنَّك عَرَبِيُّ. وَلَوْ قَالَ لِلْعَرَبِيِّ: أَنْتَ نَبَطِيٌّ. أَوْ فَارِسِيٌّ. فَلَا حَدَّ فِيهِ، وَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ. نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّك نَبَطِيُّ اللِّسَانِ أَوْ الطَّبْعِ. وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ، كَمَا لَوْ نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْقَذْفِ احْتِمَالًا كَثِيرًا، فَلَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَيْهِ. وَمَتَى فَسَّرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِالْقَذْفِ، فَهُوَ قَاذِفٌ.
[فَصْلٌ قَذَفَ رَجُلٌ رَجُلًا فَقَالَ آخَرُ صَدَقْت]
(٧٢٢٦) فَصْلٌ: وَإِذَا قَذَفَ رَجُلٌ رَجُلًا، فَقَالَ آخَرُ: صَدَقْت، فَالْمُصَدِّقُ قَاذِفٌ أَيْضًا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute