عُذْرَتُهَا. وَلَوْ وَطِئَتْ فِي الدُّبُرِ لَمْ تَصِرْ ثَيِّبًا، وَلَا حُكْمُهَا حُكْمُهُنَّ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ فِي الْقُبُلِ.
[فَصْلٌ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ فِي إذْنِهَا لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ]
(٥٢١٠) فَصْلٌ: إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ فِي إذْنِهَا لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ زُفَرُ فِي الثَّيِّبِ كَقَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَفِي الْبِكْرِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السُّكُوتُ، وَالْكَلَامُ حَادِثٌ وَالزَّوْجُ يَدَّعِي الْأَصْلَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَلَنَا، أَنَّهَا مُنْكِرَةٌ الْإِذْنَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وَلِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهَا اُسْتُؤْذِنَتْ وَسَمِعَتْ فَصَمَتَتْ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ، وَهَذَا جَوَابٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ. وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الدُّخُولِ، فَقَالَ الْقَاضِي: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ وَلِأَنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الْوَطْءِ دَلِيلٌ عَلَى الْإِذْنِ وَصِحَّةِ النِّكَاحِ، فَكَانَ الظَّاهِرُ مَعَهُ
وَهَلْ تُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ إذَا قُلْنَا: الْقَوْلُ قَوْلُهَا؟ قَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا فَأَنْكَرَتْهُ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: تُسْتَحْلَفُ. فَإِنْ نَكَلَتْ، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: يَثْبُتُ النِّكَاحُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُسْتَحْلَفُ الزَّوْجُ، وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ. وَلَنَا، أَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي زَوْجِيَّةٍ، فَلَا يَثْبُتُ بِالنُّكُولِ، وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي مَعَهُ، كَمَا لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَصْلَ التَّزْوِيجِ فَأَنْكَرَتْهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ ادَّعَتْ أَنَّهَا أَذِنَتْ فَأَنْكَرَ وَرَثَةُ الزَّوْجِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي أَمْرٍ يَخْتَصُّ بِهَا، صَادِرٌ مِنْ جِهَتِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِيهِ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفُوا فِي نِيَّتِهَا فِيمَا تُعْتَبَرُ فِيهِ نِيَّتُهَا، وَلِأَنَّهَا تَدَّعِي صِحَّةَ الْعَقْدِ، وَهُمْ يَدَّعُونَ فَسَادَهُ، فَالظَّاهِرُ مَعَهَا.
[فَصْلٌ إذْن الْمَجْنُونَة فِي النِّكَاح]
(٥٢١١) فَصْلٌ: فِي الْمَجْنُونَةِ، إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُجْبَرُ لَوْ كَانَتْ عَاقِلَةً، جَازَ تَزْوِيجُهَا لِمَنْ يَمْلِكُ إجْبَارَهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ إجْبَارَهَا مَعَ عَقْلِهَا وَامْتِنَاعِهَا، فَمَعَ عَدَمِهِ أَوْلَى. وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تُجْبَرُ، انْقَسَمَتْ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ يَكُونَ وَلِيُّهَا الْأَبَ أَوْ وَصِيَّهُ، كَالثَّيِّبِ الْكَبِيرَةِ، فَهَذِهِ يَجُوزُ لِوَلِيِّهَا تَزْوِيجُهَا. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْأَبِ تَزْوِيجَ الْمَعْتُوهِ، فَالْمَرْأَةُ أَوْلَى. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَمَنَعَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةُ إجْبَارٍ، وَلَيْسَ عَلَى الثَّيِّبِ وِلَايَةُ إجْبَارٍ
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ فَإِنَّ وِلَايَةَ الْإِجْبَارِ إنَّمَا انْتَفَتْ عَنْ الْعَاقِلَةِ لِرَأْيِهَا، لِحُصُولِ الْمُبَاشَرَةِ مِنْهَا وَالْخِبْرَةِ، وَهَذِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ، إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْإِجْبَارِ فِي حَقِّهَا، إذَا كَانَتْ عَاقِلَةً. الْقِسْمُ الثَّانِي، أَنْ يَكُونَ وَلِيُّهَا الْحَاكِمَ، فَفِيهَا وَجْهَانِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute