للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ، عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ. وَلَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ حَيًّا، وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّعْيِينُ، وَأُعْتِقَ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ.

وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت وَاحِدًا مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ. قُبِلَ مِنْهُ وَتَعَيَّنَتْ الْحُرِّيَّةُ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَهُ تَعْيِينُ أَحَدِهِمْ، فَيَعْتِقُ مَنْ عَيَّنَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَاهُ حَالَةَ الْقَوْلِ، وَيُطَالَبُ الْمُعْتِقُ بِالتَّعْيِينِ، فَإِذَا عَيَّنَ أَحَدَهُمْ تَعَيَّنَ حَسَبَ اخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِسَائِرِ الْعَبِيدِ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْعِتْقِ ابْتِدَاءً، فَإِذَا أَوْقَعَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، كَانَ لَهُ تَعْيِينُهُ، كَالطَّلَاقِ. وَلَنَا أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْعِتْقِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، فَلَمْ يَمْلِكْ تَعْيِينَهُ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْجَمِيعَ فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَخْرُجُوا مِنْ الثُّلُثِ، وَكَمَا لَوْ أَعْتَقَ مُعَيَّنًا ثُمَّ نَسِيَهُ وَالطَّلَاقُ كَمَسْأَلَتِنَا. فَأَمَّا إنْ مَاتَ الْمُعْتِقُ وَلَمْ يُعَيِّنْ، فَالْحُكْمُ عِنْدَنَا لَا يَخْتَلِفُ، وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ التَّعْيِينُ، بَلْ يُخْرَجُ الْمُعْتَقُ بِالْقُرْعَةِ.

وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى هَذَا إذَا قَالُوا: لَا نَدْرِي أَيَّهُمْ أَعْتَقَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَهُمْ التَّعْيِينُ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ مَوْرُوثِهِمْ. وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ فِي الْمُعْتَقِ.

[فَصْل أَعْتَقَ إحْدَى إمَائِهِ ثُمَّ وَطِئَ إحْدَاهُنَّ]

. (٨٦٢٣) فَصْلٌ: وَلَوْ أَعْتَقَ إحْدَى إمَائِهِ، ثُمَّ وَطِئَ إحْدَاهُنَّ لَمْ يَتَعَيَّنْ الرِّقُّ فِيهَا. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَتَعَيَّنُ الرِّقُّ فِيهَا. لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ عِنْدَهُ تَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِهِ، وَوَطْؤُهُ دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِهِ. وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ. وَلِأَنَّ الْمُعْتَقَةَ وَاحِدَةٌ، فَلَمْ تَتَعَيَّنْ بِالْوَطْءِ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ وَاحِدَةً ثُمَّ نَسِيَهَا.

[فَصْل أَعْتَقَ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ وَنَسِيَهُ]

. (٨٦٢٤) فَصْلٌ: وَإِذَا أَعْتَقَ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ، وَنَسِيَهُ، فَقِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ، أَنْ يَعْتِقَ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ. وَهَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَقِفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَذْكُرَ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ، أَقْرَعَ الْوَرَثَةُ بَيْنَهُمْ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَعْتِقُونَ كُلُّهُمْ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ وَمَاتَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ فَكَانُوا ثَلَاثَةً، عَتَقَ مِنْهُمْ بِقَدْرِ ثُلُثِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً، عَتَقَ مِنْهُمْ بِقَدْرِ رُبْعِ قِيمَتِهِمْ. وَعَلَى هَذَا فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى مَنْ قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ الرُّبْعِ، أُعِيدَتْ الْقُرْعَةُ حَتَّى تَكْمُلَ. وَقَالَ أَصْحَابُ: الرَّأْيِ: إنْ قَالَ الشُّهُودُ: نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ أَحَدَ عَبِيدِهِ، وَلَمْ يُسَمِّ. عَتَقَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَسَعَى فِي بَاقِيه، أَوْ رُبْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إنْ كَانُوا أَرْبَعَةً، وَإِنْ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ بَعْضَ عَبِيدِهِ وَنَسِينَاهُ. فَشَهَادَتُهُمْ بَاطِلَةٌ. وَنَحْوُ هَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ وَلَمْ يَذْكُرَا مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الشَّهَادَةِ.

وَلَنَا أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْعِتْقِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْتَقَ جَمِيعَهُمْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، فَإِنْ أَقْرَعَ، بَيْنَهُمْ فَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَوَاحِدٍ، ثُمَّ قَالَ الْمُعْتِقُ: ذَكَرْت أَنَّ الْمُعْتَقَ غَيْرُهُ. فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، يُرَدُّ الْأَوَّلُ إلَى الرِّقِّ، وَيَعْتِقُ الَّذِي عَيَّنَهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ لَهُ الْمُعْتَقُ، فَعَتَقَ دُونَ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يُقْرَعْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>