[مَسْأَلَةٌ كَانَ بَعْضُ الْجَدَّات أَقْرَبَ مِنْ بَعْضٍ]
(٤٨٦١) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُنَّ أَقْرَبَ مِنْ بَعْضٍ كَانَ الْمِيرَاثُ لِأَقْرَبِهِنَّ) أَمَّا إذَا كَانَتْ إحْدَى الْجَدَّتَيْنِ أُمَّ الْأُخْرَى، فَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمِيرَاثَ لِلْقُرْبَى وَتَسْقُطُ الْبُعْدَى بِهَا، وَإِنْ كَانَتَا مِنْ جِهَتَيْنِ وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، فَالْمِيرَاثُ لَهَا، وَتَحْجُبُ الْبَعْدِي فِي قَوْلِ عَامَّتِهِمْ، إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ وَشَرِيكٍ أَنَّ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمَا. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ إنْ كَانَتَا مِنْ جِهَتَيْنِ فَهُمَا سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَتَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ لِلْقُرْبَى.
يَعْنِي بِهِ أَنَّ الْجَدَّتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا أُمَّ الْأَبِ وَالْأُخْرَى أُمَّ الْجَدِّ، سَقَطَتْ أُمُّ الْجَدِّ بِأُمِّ الْأَبِ. وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ. فَأَمَّا الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَهَلْ تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ؟ فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، أَنَّهَا تَحْجُبُهَا، وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ لِلْقُرْبَى.
وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ زَيْدٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ هُوَ بَيْنَهُمَا. وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّابِتَةُ عَنْ زَيْدٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّ الْأَبَ الَّذِي تُدْلِي بِهِ الْجَدَّةُ لَا يَحْجُبُ الْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، فَالَّتِي تُدْلِي بِهِ أَوْلَى أَنْ لَا يَحْجُبَهَا، وَبِهَذَا فَارَقَتْهَا الْقُرْبَى مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، فَإِنَّهَا تُدْلِي بِالْأُمِّ.
وَهِيَ تَحْجُبُ جَمِيعَ الْجَدَّاتِ. وَلَنَا، أَنَّهَا جَدَّةُ قُرْبَى، فَتَحْجُبُ الْبُعْدَى، كَاَلَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، وَلِأَنَّ الْجَدَّاتِ أُمَّهَاتٌ يَرِثْنَ مِيرَاثًا وَاحِدًا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِذَا اجْتَمَعْنَ فَالْمِيرَاثُ لِأَقْرَبِهِنَّ، كَالْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالْإِخْوَةِ وَالْبَنَاتِ. وَكُلُّ قَبِيلٍ إذَا اجْتَمَعُوا فَالْمِيرَاثُ لِأَقْرَبِهِمْ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْأَبَ لَا يُسْقِطُهَا. قُلْنَا: لِأَنَّهُنَّ لَا يَرِثْنَ مِيرَاثَهُ، إنَّمَا يَرِثْنَ مِيرَاثَ الْأُمَّهَاتِ، لِكَوْنِهِنَّ أُمَّهَاتٍ.
وَلِذَلِكَ أَسْقَطَتْهُنَّ الْأُمُّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسَائِلُ: مِنْ ذَلِكَ أُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ، الْمَالُ لِلْأُولَى، إلَّا فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ هُوَ بَيْنَهُمَا. أُمُّ أَبٍ وَأُمُّ أُمِّ أُمٍّ، الْمَالُ لِلْأُولَى فِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هُوَ بَيْنَهُمَا. أُمُّ أَبٍ وَأُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ جَدٍّ، الْمَالُ لِلْأُولَيَيْنِ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ، إلَّا فِي قَوْلِ شَرِيكٍ وَمُوَافِقِيهِ هُوَ بَيْنَهُنَّ. أُمُّ أَبٍ وَأُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ أُمِّ أُمٍّ وَأُمُّ أَبِي أَبٍ، هُوَ لِلْأُولَيَيْنِ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ.
[فَصْلٌ اجْتَمَعَتْ جَدَّة ذَاتُ قَرَابَتَيْنِ مَعَ أُخْرَى]
(٤٨٦٢) فَصْلٌ: إذَا اجْتَمَعَتْ جَدَّةٌ ذَاتُ قَرَابَتَيْنِ مَعَ أُخْرَى، فَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، لِذَاتِ الْقَرَابَتَيْنِ ثُلُثَاهُ، وَلِلْأُخْرَى ثُلُثُهُ. كَذَلِكَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعُرَنِيُّ، وَلَعَلَّهُمَا أَخَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute