وَرَّثْتُمُوهُ لِلْمُسْلِمِينَ. قُلْنَا: لَا يَأْخُذُونَهُ مِيرَاثًا، بَلْ يَأْخُذُونَهُ فَيْئًا، كَمَا يُؤْخَذُ مَالُ الذِّمِّيِّ إذَا لَمْ يُخَلِّفْ وَارِثًا، وَكَالْعُشُورِ.
[فَصْلٌ الزِّنْدِيقُ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ]
(٤٩٥٥) فَصْلٌ: وَالزِّنْدِيقُ، كَالْمُرْتَدِّ؛ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الزِّنْدِيقِ الَّذِي يُتَّهَمُ بِذِمِّيٍّ وَرَثَتِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ: مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، مِثْلُ مَنْ يَرْتَدُّ إذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ. قَالَ: وَتَرِثُهُ زَوْجَتُهُ، سَوَاءٌ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، أَوْ لَمْ تَنْقَضِ، كَاَلَّتِي يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ؛ لِيَحْرِمَهَا الْمِيرَاثَ؛ لِأَنَّهُ فَارٌّ مِنْ مِيرَاثِ مَنْ انْعَقَدَ سَبَبُ مِيرَاثِهِ، فَوَرِثَهُ، كَالْمُطَلَّقَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ. وَلَنَا؛ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ.» وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا ارْتَدَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، يَرِثُهُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَفْسَخُ النِّكَاحَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ، وَفِعْلَ الْمَرْأَةِ مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا، وَيُخَرَّجُ فِي مِيرَاثِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ مِثْلُ الزَّوْجَيْنِ، فَيَكُونُ مِثْلَ مَذْهَبِ مَالِكٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا ارْتَدَّتْ الْمَرِيضَةُ، فَمَاتَتْ فِي عِدَّتِهَا، أَوْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَرِثَهَا زَوْجُهَا. وَرَوَى اللُّؤْلُؤِيُّ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: إذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ، فَقُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ، أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ، فَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، وَرِثَتْهُ، إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، بَانَتْ وَلَمْ تَرِثْهُ. وَإِنْ ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ، فَمَاتَتْ، لَمْ يَرِثْهَا زَوْجُهَا؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ لَا تُقْتَلُ، فَلَمْ تَكُنْ فَارَّةً مِنْ مِيرَاثِهِ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ.
[فَصْلٌ مِيرَاث الزَّوْجَيْنِ إذَا ارْتِدَاد مَعًا]
(٤٩٥٦) فَصْلٌ: وَارْتِدَادُ الزَّوْجَيْنِ مَعًا، كَارْتِدَادِ أَحَدِهِمَا؛ فِي فَسْخِ نِكَاحِهِمَا، وَعَدَمِ مِيرَاثِ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ، سَوَاءٌ لَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ، أَوْ أَقَامَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا مَا ارْتَدَّا مَعًا، لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ، وَلَمْ يَتَوَارَثَا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ الْمُرْتَدَّ مَا دَامَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ لَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ تَوَارَثَا. وَلَنَا؛ أَنَّهُمَا مُرْتَدَّانِ، فَلَمْ يَتَوَارَثَا، كَمَا لَوْ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ
وَلَوْ ارْتَدَّا جَمِيعًا، وَلَهُمَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ، لَمْ يَتْبَعُوهُمْ فِي رِدَّتِهِمْ، وَلَمْ يَرِثُوا مِنْهُمْ شَيْئًا، وَلَمْ يَجُزْ اسْتِرْقَاقُهُمْ، سَوَاءٌ لَحِقُوهُمْ بِدَارِ الْحَرْبِ، أَوْ لَمْ يَلْحَقُوهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute