للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ وَسُدْسَ طَلْقَةٍ فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ جُزْءًا مِنْ طَلْقَةٍ عَلَى جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا طَلَقَاتٌ مُتَغَايِرَةٌ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ هِيَ الْأُولَى لَجَاءَ بِهَا فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ فَقَالَ: ثُلُثَ الطَّلْقَةِ وَسُدْسَ الطَّلْقَةِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعَرَبِيَّةِ قَالُوا: إذَا ذُكِرَ لَفْظٌ ثُمَّ أُعِيدَ مُنَكَّرًا فَالثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ وَإِنْ أُعِيدَ مُعَرَّفًا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَالثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٥] {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٦] فَالْعُسْرُ الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِإِعَادَتِهِ مُعَرَّفًا وَالْيُسْرُ الثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ؛ لِإِعَادَتِهِ مُنْكَرًا وَلِهَذَا قِيلَ: لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنَ

وَقِيلَ: لَوْ أَرَادَ بِالثَّانِيَةِ الْأُولَى لَذَكَرَهَا بِالضَّمِيرِ؛ لِأَنَّهُ الْأَوْلَى وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ ثُلُثَ طَلْقَةٍ سُدْسَ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ طَلْقَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْطِفْ بِوَاوِ الْعَطْفِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ مِنْ طَلْقَةٍ غَيْرِ مُتَغَايِرَةٍ وَلِأَنَّهُ يَكُونُ الثَّانِي هَاهُنَا بَدَلًا مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثُ مِنْ الثَّانِي وَالْبَدَلُ هُوَ الْمُبْدَلُ أَوْ بَعْضُهُ فَلَمْ يَقْتَضِ الْمُغَايَرَةَ وَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً طَلْقَةً لَمْ تَطْلُقْ إلَّا طَلْقَةً فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفًا وَثُلُثًا وَسُدْسًا لَمْ يَقَعْ إلَّا طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَجْزَاءُ الطَّلْقَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مِنْ كُلِّ طَلْقَةٍ جُزْءًا فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفًا وَثُلُثًا وَرُبْعًا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى الطَّلْقَةِ نِصْفَ سُدْسٍ ثُمَّ يُكَمَّلُ

وَإِنْ أَرَادَ مِنْ كُلِّ طَلْقَةٍ جُزْءًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَلْقَةٌ أَوْ: أَنْتِ نِصْفُ طَلْقَةٍ أَوْ أَنْتِ نِصْفُ طَلْقَةٍ ثُلُثُ طَلْقَةٍ سُدُسُ طَلْقَةٍ أَوْ أَنْتِ نِصْفُ طَالِقٍ وَقَعَ بِهَا طَلْقَةٌ؛ بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا فِي: أَنْتِ الطَّلَاقُ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ وَهَاهُنَا مِثْلُهُ.

[فَصْلٌ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً]

(٦٠٣١) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ: أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَةً كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ اقْتَضَى قَسَمَهَا بَيْنِهِنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعُهَا ثُمَّ تَكَمَّلَتْ وَإِنْ قَالَ: بَيْنَكُنَّ طَلْقَةٌ فَكَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً وَإِنْ قَالَ: أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ طَلْقَتَيْنِ وَقَعَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي: تَطْلُقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَتَيْنِ وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ فِي رَجُلٍ قَالَ: أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ: مَا أَرَى إلَّا قَدْ بِنَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّنَا إذَا قَسَمْنَا كُلَّ طَلْقَةٍ بَيْنِهِنَّ حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ جُزْءَانِ مِنْ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ تُكَمَّلُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>