للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي، أَنَّ التَّيَمُّمَ يَتَكَرَّرُ، فَإِيجَابُ شِرَائِهِ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ يُفْضِي إلَى الْإِجْحَافِ بِهِ، وَهَذَا لَا يَتَكَرَّرُ، فَلَا ضَرَرَ فِيهِ.

[فَصْلٌ تَزَوَّجَ الْأَمَةَ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ مُوسِرًا حَالَ النِّكَاحِ]

(٥٤٠٤) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ، فَذَكَرَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ، وَأَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيهِ، كَمَا لَوْ ادَّعَى مَخَافَةَ الْعَنَتِ. وَمَتَى تَزَوَّجَ الْأَمَةَ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ مُوسِرًا حَالَ النِّكَاحِ، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِفَسَادِ نِكَاحِهِ. وَهَكَذَا إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَخْشَى الْعَنَتَ. فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَصَدَّقَهُ السَّيِّدُ، فَلَا مَهْرَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ، فَلَهُ نِصْفُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي صِحَّةَ النِّكَاحِ وَالْأَصْلُ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى جَمِيعُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ، فَعَلَى قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ مَهْرَ الْمِثْلِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، يَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِإِقْرَارِهِ بِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَكْثَرَ، وَجَبَ وَلِلسَّيِّدِ أَلَّا يُصَدِّقَهُ فِيمَا قَالَ، فَيَكُونَ لَهُ مِنْ الْمَهْرِ مَا يَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. وَهَلْ ذَلِكَ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

[مَسْأَلَةٌ عَقَدَ عَلَيَّ الْأُمَّة وَفِيهِ الشَّرْطَانِ عَدَمُ الطُّول وَخَوْفَ الْعَنَتِ ثُمَّ أَيْسَرِ]

(٥٤٠٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَتَى عَقَدَ عَلَيْهَا وَفِيهِ الشَّرْطَانِ؛ عَدَمُ الطَّوْلِ، وَخَوْفُ الْعَنَتِ، ثُمَّ أَيْسَرَ، لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ) هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَفِي الْمَذْهَبِ وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّهُ يَفْسُدُ النِّكَاحُ. وَهُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ، فَإِذَا زَالَتْ الْحَاجَةُ لَمْ يَجُزْ لَهُ اسْتِدَامَتُهُ، كَمَنْ أُبِيحَ لَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِذَا وُجِدَ الْحَلَالَ لَمْ يَسْتَدِمْهُ. وَلَنَا، أَنَّ فَقْدَ الطَّوْلِ أَحَدُ شَرْطَيْ إبَاحَةِ نِكَاحِ الْأَمَةِ، فَلَمْ تُعْتَبَر اسْتَدَامَتْهُ، كَخَوْفِ الْعَنَتِ، وَيُفَارِقُ أَكْلَ الْمَيْتَةِ، فَإِنَّ أَكْلَهَا بَعْدَ الْقُدْرَةِ ابْتِدَاءٌ لِلْأَكْلِ، وَهَذَا لَا يَبْتَدِئُ النِّكَاحَ.

إنَّمَا يَسْتَدِيمُهُ، وَالِاسْتِدَامَةُ لِلنِّكَاحِ تُخَالِفُ ابْتِدَاءَهُ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْعِدَّةَ وَالرِّدَّةَ وَأَمْنَ الْعَنَتِ يَمْنَعْنَ ابْتِدَاءَهُ دُونَ اسْتِدَامَتِهُ.

[فَصْلٌ تَزَوَّجَ عَلَى الْأَمَةِ حُرَّةً]

(٥٤٠٦) فَصْلٌ: وَإِنْ تَزَوَّجَ عَلَى الْأَمَةِ حُرَّةً، صَحَّ. وَفِي بُطْلَانِ نِكَاحِ الْأَمَةِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَبْطُلُ. وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَمَةِ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَسْرُوقٍ، وَإِسْحَاقَ، وَالْمُزَنِيِّ. وَوَجْهُ الرِّوَايَتَيْنِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>