وَإِنْ قَدَّرَهُ بِالطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالسُّمْكِ جَازَ. وَلَا يَكْتَفِي بِمُشَاهَدَةِ قَالَبِ الضَّرْبِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا؛ لِأَنَّ فِيهِ غَرَرًا.
وَقَدْ يَتْلَفُ الْقَالَبُ، فَلَا يَصِحُّ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي مِكْيَالٍ بِعَيْنِهِ.
[فَصْلٌ الِاسْتِئْجَارُ لِلْبِنَاءِ وَتَقْدِيرُهُ بِالزَّمَانِ أَوْ الْعَمَلِ]
(٤١٩٠) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْبِنَاءِ، وَتَقْدِيرُهُ بِالزَّمَانِ أَوْ الْعَمَلِ، فَإِنْ قَدَّرَهُ بِالْعَمَلِ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ مَوْضِعِهِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ أَيْضًا بِقُرْبِ الْمَاءِ، وَسُهُولَةِ التُّرَابِ. وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ طُولِهِ، وَعَرْضِهِ، وَسُمْكِهِ، وَآلَةِ الْبِنَاءِ مِنْ لَبِنٍ وَطِينٍ، أَوْ حَجَرٍ وَطِينٍ، أَوْ شِيدٍ وَآجُرٍّ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: وَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ لِبِنَاءِ أَلْفِ لَبِنَةٍ فِي حَائِطِهِ، أَوْ اسْتَأْجَرَهُ يَبْنِي لَهُ فِيهِ يَوْمًا، فَعَمِلَ مَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ، فَلَهُ أَجْرُهُ؛ لِأَنَّهُ وَفَّى الْعَمَلَ
وَإِنْ قَالَ: ارْفَعْ لِي هَذَا الْحَائِطَ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ، فَرَفَعَ بَعْضَهُ، ثُمَّ سَقَطَ، فَعَلَيْهِ إعَادَةُ مَا سَقَطَ وَإِتْمَامُ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْإِجَارَةُ مِنْ الذَّرْعِ. وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ سُقُوطُهُ فِي الْأَوَّلِ لِأَمْرٍ مِنْ جِهَةِ الْعَامِلِ، فَأَمَّا إنْ فَرَّطَ، أَوْ بَنَاهُ مَحْلُولًا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَسَقَطَ، فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ، وَغَرَامَةُ مَا تَلِفَ مِنْهُ.
[فَصْلٌ الِاسْتِئْجَارُ لِتَطْيِينِ السُّطُوحِ وَالْحِيطَانِ وَتَجْصِيصِهَا]
(٤١٩١) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِتَطْيِينِ السُّطُوحِ وَالْحِيطَانِ وَتَجْصِيصِهَا. وَلَا يَجُوزُ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّ الطِّينَ يَخْتَلِفُ، فَمِنْهُ رَقِيقٌ وَثَخِينٌ، وَأَرْضُ السَّطْحِ تَخْتَلِفُ، فَمِنْهَا الْعَالِي وَمِنْهَا النَّازِلُ، وَكَذَلِكَ الْحِيطَانُ؛ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَلَى مُدَّةٍ.
[فَصْلٌ اسْتِئْجَارُ نَاسِخٍ لِيَنْسَخَ لَهُ كُتُبَ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ]
(٤١٩٢) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ نَاسِخٍ لِيَنْسَخَ لَهُ كُتُبَ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ، أَوْ شِعْرًا مُبَاحًا، أَوْ سِجِلَّاتٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، فِي رِوَايَةِ مُثَنَّى بْنِ جَامِعٍ، وَسَأَلَهُ عَنْ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ بِالْأَجْرِ، فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا
وَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْدِيرِ بِالْمُدَّةِ أَوْ الْعَمَلِ، فَإِنْ قَدَّرَهُ بِالْعَمَلِ، ذَكَرَ عَدَدَ الْأَوْرَاقِ، وَقَدْرَهَا، وَعَدَدَ السُّطُورِ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ، وَقَدْرَ الْحَوَاشِي، وَدِقَّةَ الْقَلَمِ وَغِلَظَهُ. فَإِنْ عَرَفَ الْخَطَّ بِالْمُشَاهَدَةِ، جَازَ، وَإِنْ أَمْكَنَ ضَبْطُهُ بِالصِّفَةِ ضَبَطَهُ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ. وَيَجُوزُ تَقْدِيرُ الْأَجْرِ بِأَجْزَاءِ الْفَرْعِ، وَيَجُوزُ بِأَجْزَاءِ الْأَصْلِ الْمَنْسُوخِ مِنْهُ. وَإِنْ قَاطَعَهُ عَلَى نَسْخِ الْأَصْلِ بِأَجْرٍ وَاحِدٍ، جَازَ. وَإِذَا أَخْطَأَ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ، الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، عُفِيَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ
وَإِنْ أَسْرَفَ فِي الْغَلَطِ، بِحَيْثُ يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ، فَهُوَ عَيْبٌ يَرُدُّ بِهِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَلَيْسَ لَهُ مُحَادَثَةُ غَيْرِهِ حَالَةَ النَّسْخِ، وَلَا التَّشَاغُلُ بِمَا يَشْغَلُ سِرَّهُ وَيُوجِبُ غَلَطَهُ، وَلَا لِغَيْرِهِ تَحْدِيثُهُ وَشَغْلُهُ. وَكَذَلِكَ كُلُّ الْأَعْمَالِ الَّتِي تَخْتَلُّ بِشَغْلِ السِّرِّ وَالْقَلْبِ، كَالْقِصَارَةِ وَالنِّسَاجَةِ، وَنَحْوِهِمَا.