للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَؤُلَاءِ أَوْلَادٌ، وَإِخْوَةٌ، وَعَدَمُ إرْثِهِمْ لَا يَمْنَعُ حَجْبَهُمْ، كَالْإِخْوَةِ مَعَ الْأَبَوَيْنِ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ، وَلَا يَرِثُونَ وَلَنَا، أَنَّهُ وَلَدٌ لَا يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ مِنْ الْأُمِّ، وَلَا يَحْجُبُ وَلَدَهُ، وَلَا الْأَبَ إلَى السُّدُسِ، فَلَمْ يَحْجُبْ غَيْرَهُمْ، كَالْمَيِّتِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي حَجْبِ غَيْرِ الْأُمِّ وَالزَّوْجَيْنِ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي حَجْبِهِمْ، كَالْمَيِّتِ، وَالْآيَةُ أُرِيدَ بِهَا وَلَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١]

أَرَادَ بِهِ الْوَارِثَ، وَلَمْ يَدْخُلْ هَذَا فِيهِمْ، وَلَمَّا قَالَ {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} [النساء: ١٧٦] . لَمْ يَدْخُلْ هَذَا فِيهِمْ. وَأَمَّا الْإِخْوَةُ مَعَ الْأَبِ، فَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْلَا الْأَبُ لَوَرِثُوا، وَإِنَّمَا قُدِّمَ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ، وَمُنِعُوا مَعَ أَهْلِيَّتِهِمْ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُمْ أَوْلَى مِنْهُمْ، فَامْتِنَاعُ إرْثِهِمْ لِمَانِعٍ، لَا لِانْتِفَاءِ الْمُقْتَضِي.

[فَصْلٌ مَنْ لَا يَرِثُ لِحَجْبِ غَيْرِهِ لَهُ فَإِنَّهُ يَحْجُبُ وَإِنْ لَمْ يَرِثْ]

(٤٩٦٦) فَصْلٌ: فَأَمَّا مَنْ لَا يَرِثُ لِحَجْبِ غَيْرِهِ لَهُ، فَإِنَّهُ يَحْجُبُ، وَإِنْ لَمْ يَرِثْ، كَالْإِخْوَةِ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ، وَهُمْ مَحْجُوبُونَ بِالْأَبِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ إرْثِهِمْ لَمْ يَكُنْ لِمَعْنًى فِيهِمْ، وَلَا لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِمْ، بَلْ لِتَقْدِيمِ غَيْرِهِمْ عَلَيْهِمْ، وَالْمَعْنَى الَّذِي حُجِبُوا بِهِ فِي حَالِ إرْثِهِمْ مَوْجُودٌ، مَعَ حَجْبِهِمْ عَنْ الْمِيرَاثِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. فَعَلَى هَذَا، إذَا اجْتَمَعَ أَبَوَانِ وَأَخَوَانِ أَوْ أُخْتَانِ؛ فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِلْأَبِ، وَيَحْجُبُ الْأَخَوَانِ الْأُمَّ عَنْ السُّدُسِ، وَلَا يَرِثُونَ شَيْئًا

وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ، وَخَلَّفَ أَبَاهُ وَأُمَّ أَبِيهِ وَأُمَّ أُمِّ أُمِّهِ، لَحَجَبَ الْأَبُ أُمَّهُ عَنْ الْمِيرَاثِ، وَحَجَبَتْ أُمُّهُ أُمَّ أُمِّ الْأُمِّ، عَلَى قَوْلِ مَنْ يَحْجُبُ الْجَدَّةَ بِابْنِهَا، وَالْبُعْدَى مِنْ الْجَدَّاتِ بِمَنْ هِيَ أَقْرَبُ مِنْهَا، وَيَكُونُ الْمَالُ جَمِيعُهُ لِلْأَبِ.

[فَصْلٌ مِيرَاث الْحَمْلِ]

(٤٩٦٧) فَصْلٌ: فِي مِيرَاثِ الْحَمْلِ: إذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ عَنْ حَمْلٍ يَرِثُهُ، وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ، فَإِنْ طَالِبَ الْوَرَثَةُ بِالْقِسْمَةِ، لَمْ يُعْطُوا كُلَّ الْمَالِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ، إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ دَاوُد، وَالصَّحِيحُ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ، وَلَكِنْ يُدْفَعُ إلَى مَنْ لَا يَنْقُصُهُ الْحَمْلُ كَمَالَ مِيرَاثِهِ، وَإِلَى مَنْ يَنْقُصُهُ أَقَلُّ مَا يُصِيبُهُ، وَلَا يُدْفَعُ إلَى مَنْ يُسْقِطُهُ شَيْءٌ، فَأَمَّا مَنْ يُشَارِكُهُ، فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: يُوقَفُ لِلْحَمْلِ شَيْءٌ، وَيُدْفَعُ إلَى شُرَكَائِهِ الْبَاقِي. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ وَاللَّيْثُ، وَشَرِيكٌ وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ وَهُوَ رِوَايَةُ الرَّبِيعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ

وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُدْفَعُ إلَى شُرَكَائِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا حَدَّ لَهُ وَلَا نَعْلَمُ كَمْ يُتْرَكُ لَهُ. وَقَدْ حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَرَدَ طَالِبًا لِلْعِلْمِ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ، أَنَّ امْرَأَةً وَلَدَتْ بِالْيَمَنِ شَيْئًا كَالْكِرْشِ، فَظُنَّ أَنْ لَا وَلَدَ فِيهِ، فَأُلْقِيَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَلَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>