[مَسْأَلَةٌ لَا يَنْقُصُ الْجَدُّ أَبَدًا مِنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ]
مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَلَا يَنْقُصُ الْجَدُّ أَبَدًا مِنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ، أَوْ تَسْمِيَتُهُ إذَا زَادَتْ السِّهَامُ) هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَتَبَ إلَى عَلِيٍّ فِي سِتَّةِ إخْوَةٍ وَجَدٍّ. فَكَتَبَ إلَيْهِ: اجْعَلْ الْجَدَّ سَابِعَهُمْ، وَامْحُ كِتَابِي هَذَا. وَرُوِيَ عَنْهُ فِي سَبْعَةِ إخْوَةٍ وَجَدٍّ، أَنَّ الْجَدَّ ثَامِنُهُمْ. وَحُكِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَالشَّعْبِيِّ الْمُقَاسَمَةُ إلَى نِصْفِ سُدُسِ الْمَالِ.
وَلَنَا، أَنَّ الْجَدَّ لَا يَنْقُصُ عَنْ السُّدُسِ مَعَ الْبَنِينَ، وَهُمْ أَقْوَى مِيرَاثًا مِنْ الْإِخْوَةِ؛ فَإِنَّهُمْ يُسْقِطُونَهُمْ، فَلَأَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْهُ مَعَ الْإِخْوَةِ أَوْلَى، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْعَمَ الْجَدَّ السُّدُسَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: " أَوْ تَسْمِيَتُهُ إذَا زَادَتْ السِّهَام ". فَإِنَّهُ يَعْنِي إذَا عَالَتْ الْمَسْأَلَةُ، فَإِنَّهُ يُسَمَّى لَهُ السُّدُسُ، وَهُوَ نَاقِصٌ عَنْ السُّدُسِ، أَلَا تَرَى أَنَّا نَقُولُ فِي زَوْجٍ وَأُمٍّ وَابْنَتَيْنِ وَجَدٍّ: لَهُ السُّدُسُ. وَنُعْطِيهِ سَهْمَيْنِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَهُمَا ثُلُثَا الْخُمُسِ.
وَمَتَى أَفَضْت الْمَسْأَلَةُ إلَى الْعَوْلِ، سَقَطَ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ، إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ. وَلَا يَنْقُصُ الْجَدُّ عَنْ السُّدُسِ الْكَامِلِ فِي مَسْأَلَةٍ يَرِثُ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ.
[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَتَرَك أَخَا لِأَبٍ وَأُمًّا وَأَخَا لِأَبٍ وَجَدِّ]
(٤٨٧١) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِذَا كَانَ أَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأَخٌ لِأَبٍ، وَجَدٌّ، قَاسَمَ الْجَدُّ الْأَخَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، وَالْأَخَ لِلْأَبِ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، ثُمَّ رَجَعَ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ عَلَى مَا فِي يَدِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ، فَأَخَذَهُ) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْجَدَّ يُقَاسِمُ الْإِخْوَةَ كَأَخٍ، مَا لَمْ تَنْقُصْهُ الْمُقَاسَمَةُ عَنْ الثُّلُثِ، وَأَنَّ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ يُعَادُونَ الْجَدَّ بِوَلَدِ الْأَبِ، ثُمَّ يَأْخُذُونَ مَا حَصَلَ لَهُمْ، وَأَنَّهُ مَتَى كَانَ اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَجَدٌّ، اسْتَوَى الثُّلُثُ وَالْمُقَاسَمَةُ.
فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ اسْتَوَى الثُّلُثُ وَالْمُقَاسَمَةُ، وَلِذَلِكَ اقْتَسَمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ، ثُمَّ أَخَذَ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ مَا حَصَلَ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ. وَإِنْ شِئْت فَرَضْت لِلْجَدِّ الثُّلُثَ، وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ. وَإِنْ زَادَ عَدَدُ الْإِخْوَةِ عَلَى اثْنَيْنِ أَوْ مَنْ يَعْدِلُهُمَا مِنْ الْأَخَوَاتِ، فَافْرِضْ لِلْجَدِّ الثُّلُثَ، وَالْبَاقِيَ لِوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ. هَذَا مَذْهَبُ زَيْدٍ وَأَمَّا عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُمَا يُقَاسِمَانِ بِهِ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ، وَيُسْقِطَانِ وَلَدَ الْأَبِ، وَلَا يَعْتَدَّانِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُوبٌ بِوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ.
فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ كَوَلَدِ الْأُمِّ، وَقَسَمَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَأَسْقَطَا الْأَخَ مِنْ الْأَبِ. وَلَنَا، أَنَّ الْجَدَّ وَالِدٌ، فَإِذَا حَجَبَهُ أَخَوَانِ وَارِثَانِ، جَازَ أَنْ يَحْجُبَهُ أَخٌ وَارِثٌ، وَأَخٌ غَيْرُ وَارِثٍ، كَالْأُمِّ، وَلِأَنَّ وَلَدَ الْأَبِ يَحْجُبُونَهُ إذَا انْفَرَدُوا، فَيَحْجُبُونَهُ مَعَ غَيْرِهِمْ، كَالْأُمِّ، وَيُفَارِقُ وَلَدَ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يَحْجُبُهُمْ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْجُبُوهُ بِخِلَافِ وَلَدِ الْأَبِ؛ فَإِنَّ الْجَدَّ لَا يَحْجُبُهُمْ، فَجَازَ أَنْ يَحْجُبُوهُ إذَا حَجَبَهُمْ غَيْرُهُ، كَمَا يَحْجُبُونَ الْأُمَّ، وَإِنْ كَانُوا مَحْجُوبِينَ بِالْأَبِ.
وَأَمَّا الْأَخُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، فَهُوَ أَقْوَى تَعْصِيبًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute