فِي الِاسْتِدَامَةِ، وَلِهَذَا يُقَالُ: دَخَلْتهَا مُنْذُ شَهْرٍ. وَلَا يُقَالُ: دَخَلْتهَا شَهْرًا. فَجَرَى مَجْرَى التَّزْوِيجِ، وَلِأَنَّ الدُّخُولَ الِانْفِصَالُ مِنْ خَارِجٍ إلَى دَاخِلٍ، وَلَا يُوجَدُ فِي الْإِقَامَةِ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَالْوَجْهَيْنِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَنْ أَحْنَثَهُ إنَّمَا كَانَ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِ الْحَالِفِ أَنَّهُ يَقْصِدُ هِجْرَانَ الدَّارِ وَمُبَايَنَتَهَا، وَالْإِقَامَةُ فِيهَا تُخَالِفُ ذَلِكَ، فَجَرَى مَجْرَى الْحَالِفِ عَلَى تَرْكِ السُّكْنَى بِهَا.
[فَصْلٌ حَلَفَ لَا يُضَاجِعُ امْرَأَتَهُ عَلَى فِرَاشٍ وَهُمَا مُتَضَاجِعَانِ فَاسْتَدَامَ ذَلِكَ]
(٨٠٩٤) فَصْلٌ: فَإِنْ حَلَفَ لَا يُضَاجِعُ امْرَأَتَهُ عَلَى فِرَاشٍ، وَهُمَا مُتَضَاجِعَانِ، فَاسْتَدَامَ ذَلِكَ، حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْمُضَاجَعَةَ تَقَعُ عَلَى الِاسْتِدَامَةِ، وَلِهَذَا يُقَالُ: اضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ لَيْلَةً. وَإِنْ كَانَ هُوَ مُضْطَجِعًا عَلَى الْفِرَاشِ وَحْدَهُ، فَاضْطَجَعَتْ عِنْدَهُ عَلَيْهِ نَظَرْت؛ فَإِنْ قَامَ لِوَقْتِهِ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ اسْتَدَامَ، حَنِثَ؛ لِمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَصُومُ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَتَمَّ يَوْمَهُ، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَحْنَثُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْنَثَ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ يَقَعُ عَلَى الِاسْتِدَامَةِ، يُقَالُ: صَامَ يَوْمًا. لَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ، فَظَنَّ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، فَبَانَ أَنَّهُ يَوْمُ الْعِيدِ، حَرُمَتْ عَلَيْهِ اسْتِدَامَتُهُ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَافِرُ، وَهُوَ مُسَافِرٌ، فَأَخَذَ فِي الْعَوْدِ أَوْ أَقَامَ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ مَضَى فِي سَفَرِهِ، حَنِثَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِدَامَةَ سَفَرٌ، وَلِهَذَا يُقَالُ: سَافَرْت شَهْرًا.
[فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ وَكَانَ رِدَاءً فِي حَالِ حَلِفِهِ فَارْتَدَى بِهِ]
(٨٠٩٥) فَصْلٌ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ، وَكَانَ رِدَاءً فِي حَالِ حَلِفِهِ، فَارْتَدَى بِهِ، أَوْ ائْتَزَرَ، أَوْ اعْتَمَّ بِهِ، أَوْ جَعَلَهُ قَمِيصًا، أَوْ سَرَاوِيلَ، أَوْ قَبَاءً، وَلَبِسَهُ، حَنِثَ، وَكَذَلِكَ إنَّ كَانَ قَمِيصًا فَارْتَدَى بِهِ، أَوْ سَرَاوِيلَ فَأْتَزَرَ بِهِ، حَنِثَ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَبِسَهُ. وَإِنْ قَالَ فِي يَمِينِهِ: لَا أَلْبَسُهُ، وَهُوَ رِدَاءٌ. فَغَيَّرَهُ عَنْ كَوْنِهِ رِدَاءً، وَلَبِسَهُ، لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَقَعَتْ عَلَى تَرْكِ لُبْسِهِ رِدَاءً. وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا لَبِسْت شَيْئًا. فَلَبِسَ قَمِيصًا، أَوْ عِمَامَةً، أَوْ قَلَنْسُوَةً، أَوْ دِرْعًا، أَوْ جَوْشَنًا أَوْ خُفًّا، أَوْ نَعْلًا، حَنِثَ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: فِي الْخُفِّ وَالنَّعْلِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يَحْنَثُ.
وَلَنَا، أَنَّهُ مَلْبُوسٌ حَقِيقَةً وَعُرْفًا، فَحَنِثَ بِهِ، كَالثِّيَابِ، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُفَّيْنِ، فَلَبِسَهُمَا. وَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: إنَّك تَلْبَسُ هَذَا النِّعَالَ؟ قَالَ: إنِّي رَأَيْت رَسُولَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute