فِي الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْوَرَثَةِ، وَفِيمَا زَادَ فَلَهُمَا إبْطَالُ الْوَقْفِ فِيهِ، وَلِلِابْنِ إبْطَالُ التَّسْوِيَةِ، فَإِنْ اخْتَارَ إبْطَالَ التَّسْوِيَةِ دُونَ إبْطَالِ الْوَقْفِ، خُرِّجَ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ يَبْطُلُ الْوَقْفُ فِي التُّسْعِ، وَيَرْجِعُ إلَيْهِ مِلْكًا، فَيَصِيرُ لَهُ النِّصْفُ وَقْفًا، وَالتُّسْعُ مِلْكًا، وَيَكُونُ لِلْبِنْتِ السُّدُسُ وَالتُّسْعَانِ وَقْفًا؛ لِأَنَّ الِابْنَ إنَّمَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْوَقْفِ فِي مَا لَهُ دُونَ مَا لِغَيْرِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ لَهُ إبْطَالَ الْوَقْفِ فِي السُّدُسِ، وَيَصِيرُ لَهُ النِّصْفُ وَقْفًا، وَالتُّسْعُ مِلْكًا، وَلِلْبِنْتِ الثُّلُثُ وَقْفًا، وَنِصْفُ التُّسْعِ مِلْكًا؛ لِئَلَّا تَزْدَادَ الْبِنْتُ عَلَى الِابْنِ فِي الْوَقْفِ. وَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ فِي هَذَا الْوَجْه مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، لِلِابْنِ تِسْعَةٌ وَقْفًا وَسَهْمَانِ مِلْكًا، وَلِلْبِنْتِ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وَقْفًا وَسَهْمٌ مِلْكًا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَهُ إبْطَالُ الْوَقْفِ فِي الرُّبْعِ كُلِّهِ، وَيَصِيرُ لَهُ النِّصْفُ وَقْفًا وَالسُّدُسُ مِلْكًا، وَيَكُونُ لِلْبِنْتِ الرُّبْعُ وَقْفًا وَنِصْفُ السُّدُسِ مِلْكًا، كَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ.
[مَسْأَلَةٌ خَرَابُ الْوَقْفِ]
(٤٤١٠) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِذَا خَرِبَ الْوَقْفُ، وَلَمْ يَرُدَّ شَيْئًا، بِيعَ، وَاشْتُرِيَ بِثَمَنِهِ مَا يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الْوَقْفِ، وَجُعِلَ وَقْفًا كَالْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ الْحَبِيسُ إذَا لَمْ يَصْلُحْ لِلْغَزْوِ، بِيعَ، وَاشْتُرِيَ بِثَمَنِهِ مَا يَصْلُحُ لِلْجِهَادِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا خَرِبَ، وَتَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ، كَدَارٍ انْهَدَمَتْ، أَوْ أَرْضٍ خَرِبَتْ، وَعَادَتْ مَوَاتًا، وَلَمْ تُمْكِنْ عِمَارَتُهَا، أَوْ مَسْجِدٍ انْتَقَلَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ عَنْهُ، وَصَارَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُصَلَّى فِيهِ، أَوْ ضَاقَ بِأَهْلِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ تَوْسِيعُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
أَوْ تَشَعَّبَ جَمِيعُهُ فَلَمْ تُمْكِنْ عِمَارَتُهُ وَلَا عِمَارَةُ بَعْضِهِ إلَّا بِبَيْعِ بَعْضِهِ، جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ لِتُعَمَّرَ بِهِ بَقِيَّتُهُ. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ، بِيعَ جَمِيعُهُ. قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ خَشَبَتَانِ، لَهُمَا قِيمَةٌ، جَازَ بَيْعُهُمَا وَصَرْفُ ثَمَنِهِمَا عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ: يُحَوَّلُ الْمَسْجِدُ خَوْفًا مِنْ اللُّصُوصِ، وَإِذَا كَانَ مَوْضِعُهُ قَذِرًا. قَالَ الْقَاضِي: يَعْنِي إذَا كَانَ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ. وَنَصَّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ عَرْصَتِهِ، فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، وَتَكُونُ الشَّهَادَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْإِمَامِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ الْمَسَاجِدَ لَا تُبَاعُ، وَإِنَّمَا تُنْقَلُ آلَتُهَا. قَالَ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ؛ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْفَرَسِ الْحَبِيسِ يَعْنِي الْمَوْقُوفَةَ عَلَى الْغَزْوِ إذَا كَبِرَتْ، فَلَمْ تَصْلُحْ لِلْغَزْوِ، وَأَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي شَيْءٍ آخَرَ، مِثْلُ أَنْ تَدُورَ فِي الرَّحَى، أَوْ يُحْمَلَ عَلَيْهَا تُرَابٌ، أَوْ تَكُونَ الرَّغْبَةُ فِي نِتَاجِهَا، أَوْ حِصَانًا يُتَّخَذُ لِلطِّرَاقِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا مَا يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: إذَا خَرِبَ الْمَسْجِدُ أَوْ الْوَقْفُ، عَادَ إلَى مِلْكِ وَاقِفِهِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا هُوَ تَسْبِيلُ الْمَنْفَعَةِ، فَإِذَا زَالَتْ مَنْفَعَتُهُ، زَالَ حَقُّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْهُ، فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute