بِرُخْصٍ، فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «لَا تَشْتَرِهِ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِك، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ، كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهُ، لَوْلَا ذَلِكَ مَا بَاعَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهُ بَعْدَ الْغَزْوِ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَهُ لِلْبَيْعِ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لِيَأْخُذَهُ مِنْ عُمَرَ، ثُمَّ يُقِيمَهُ لِلْبَيْعِ فِي الْحَالِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَقَامَهُ لِلْبَيْعِ بَعْدَ غَزْوِهِ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ أَحْمَدُ نَحْوًا مِنْ هَذَا الْكَلَامِ. وَسُئِلَ: مَتَى يَطِيبُ لَهُ الْفَرَسُ؟ قَالَ: إذَا غَزَا عَلَيْهِ. قِيلَ لَهُ: فَإِنَّ الْعَدُوَّ جَاءَنَا فَخَرَجَ عَلَى هَذَا الْفَرَسِ فِي الطَّلَبِ إلَى خَمْسَةِ فَرَاسِخَ ثُمَّ رَجَعَ.
قَالَ: لَا، حَتَّى يَكُونَ غَزْوٌ. قِيلَ لَهُ: فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: إذَا بَلَغْت وَادِي الْقُرَى، فَشَأْنُك بِهِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ كَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ، وَرَأَى أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ إذَا غَزَا عَلَيْهِ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْقَاسِمُ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالثَّوْرِيُّ. وَنَحْوُهُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا يَقُولُ: إنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فِي مَكَانِهِ.
وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى أَنْ يُنْتَفَعَ بِثَمَنِهِ فِي غَيْرِ سَبِيلِ اللَّهِ، إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ: شَأْنَك بِهِ مَا أَرَدْت. وَلَنَا، حَدِيثُ عُمَرَ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا اشْتَرَطَ مَالِكٌ، فَأَمَّا إذَا قَالَ: هِيَ حَبِيسٌ.
فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الْوَقْفِ، وَيَأْتِي شَرْحُ حُكْمِ الْأُضْحِيَّةِ فِي بَابِهَا، إنْ شَاءَ اللَّهُ (٧٤٥٠) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَرْكَبُ دَوَابَّ السَّبِيلِ فِي حَاجَةٍ، وَيَرْكَبُهَا وَيَسْتَعْمِلُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا يَرْكَبُ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَهَا وَيَعْلِفَهَا، وَأَكْرَهُ سِيَاقَ الرَّمَكِ عَلَى الْفَرَسِ الْحَبِيسِ، وَسَهْمُ الْفَرَسِ الْحَبِيسِ لِمَنْ غَزَا عَلَيْهِ، وَلَا يُبَاعُ الْفَرَسُ الْحَبِيسُ إلَّا مِنْ عِلَّةٍ، إذَا عَطِبَ يَصِيرُ لِلطَّحْنِ، وَيَصِيرُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ، أَوْ يُنْفَقُ ثَمَنُهُ عَلَى الدَّوَابِّ الْحَبِيسِ. وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ فَرَسًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: يُسْتَحَبُّ شِرَاؤُهَا مِنْ غَيْرِ الثَّغْرِ، لِيَكُونَ تَوْسِعَةً عَلَى أَهْلِ الثَّغْرِ فِي الْجَلْبِ.
[مَسْأَلَةٌ لِلْإِمَامِ التَّصَرُّفُ فِي سَبَايَا الْحَرْبِ]
(٧٤٥١) مَسْأَلَةٌ وَإِذَا سَبَى الْإِمَامُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ، إنْ رَأَى قَتَلَهُمْ، وَإِنْ رَأَى مَنَّ عَلَيْهِمْ وَأَطْلَقَهُمْ بِلَا عِوَضٍ، وَإِنْ رَأَى أَطْلَقَهُمْ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ، وَإِنْ رَأَى فَادَى بِهِمْ، وَإِنْ رَأَى اسْتَرَقَّهُمْ، أَيَّ ذَلِكَ رَأَى فِيهِ نِكَايَةً لِلْعَدُوِّ وَحَظًّا لِلْمُسْلِمِينَ فَعَلَ، وَجُمْلَتُهُ أَنَّ مَنْ أُسِرَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute