لِبَيْتِ الْمَالِ
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَمَالِكٌ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَصَاحِبَاهُ، وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ، إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَهْلَ الْبَصْرَةِ جَعَلُوا الرَّدَّ، وَذَوِي الْأَرْحَامِ، أَحَقُّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ إنَّمَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ، وَلَا نَصَّ فِي تَوْرِيثِ الْأُمِّ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَا فِي تَوْرِيثِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ أَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ، وَلَا فِي تَوْرِيثِ أَبِي الْأُمِّ وَأَشْبَاهِهِ مِنْ عَصَبَاتِ الْأُمِّ، وَلَا قِيَاسَ أَيْضًا، فَلَا وَجْهَ لِإِثْبَاتِهِ
وَوَجْهُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» . وَأَوْلَى الرِّجَالِ بِهِ أَقَارِبُ أُمِّهِ. وَعَنْ عُمَرَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَلْحَقَ وَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ بِعَصَبَةِ أُمِّهِ. وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَمَّا رَجَمَ الْمَرْأَةَ دَعَا أَوْلِيَاءَهَا فَقَالَ: هَذَا ابْنُكُمْ تَرِثُونَهُ وَلَا يَرِثُكُمْ، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً فَعَلَيْكُمْ حَكَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْهُ.
وَلِأَنَّ الْأُمَّ لَوْ كَانَتْ عَصَبَةً كَأَبِيهِ لَحَجَبَتْ إخْوَتَهُ. وَلِأَنَّ مَوْلَاهَا مَوْلَى أَوْلَادِهَا، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَصَبَتُهَا عَصَبَتَهُ، كَالْأَبِ. فَإِذَا خَلَّفَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ أُمًّا، وَخَالًا، فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ بِلَا خِلَافٍ، وَالْبَاقِي لِخَالِهِ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةُ أُمِّهِ. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، هُوَ لَهَا كُلُّهُ. وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمُوَافِقِيهِ، إلَّا أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ يُعْطِيهَا إيَّاهُ؛ لِكَوْنِهَا عَصَبَةً؛ وَالْبَاقُونَ بِالرَّدِّ، وَعِنْدَ زَيْدٍ، الْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا مَوْلَى أُمٍّ، فَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَنَا. وَقَالَ زَيْدٌ، وَمَنْ وَافَقَهُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: الْبَاقِي لَهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأُمِّهِ عَصَبَةٌ إلَّا مَوْلَاهَا، فَالْبَاقِي لَهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الْخِرَقِيِّ، وَعَلَى الْأُخْرَى، هُوَ لِلْأُمِّ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّهَا عَصَبَةُ ابْنِهَا. فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا أُمَّهُ، فَلَهَا الثُّلُثُ بِالْفَرْضِ، وَالْبَاقِي بِالرَّدِّ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَسَائِرِ مِنْ يَرَى الرَّدَّ. وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، لَهَا الْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ
وَإِنْ كَانَ مَعَ الْأُمِّ عَصَبَةٌ لَهَا، فَهَلْ يَكُونُ الْبَاقِي لَهَا أَوْ لَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإِنْ كَانَ لَهَا عَصَبَاتٌ، فَهُوَ لَأَقْرَبِهِمْ مِنْهَا عَلَى رِوَايَةِ الْخِرَقِيِّ، فَإِذَا كَانَ مَعَهَا أَبُوهَا، وَأَخُوهَا، فَهُوَ لِأَبِيهَا، وَإِنْ كَانَ مَكَانَ أَبِيهَا جَدُّهَا فَهُوَ بَيْنَ أَخِيهَا وَجَدِّهَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ابْنُهَا، وَهُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ، فَلَا شَيْءَ لِأَخِيهَا، وَيَكُونُ لِأُمِّهِ الثُّلُثُ، وَلِأَخِيهِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِأَخِيهِ، أَوْ ابْنِ أَخِيهِ. وَإِنْ خَلَّفَ أُمَّهُ، وَأَخَاهُ، وَأُخْتَهُ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِأَخِيهِ، دُونَ أُخْتِهِ. وَإِنْ خَلَّفَ ابْنَ أُخْتِهِ، وَبِنْتَ أُخْتِهِ، أَوْ خَالَهُ وَخَالَتَهُ، فَالْبَاقِي لِلذَّكَرِ
وَإِنْ خَلَّفَ أُخْتَهُ وَابْنَ أُخْتِهِ، فَلِأُخْتِهِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِابْنِ أُخْتِهِ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، الْبَاقِي لِلْأُمِّ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ.
[فَصْلٌ ابْنُ مُلَاعَنَة مَاتَ وَتَرَك بِنْتًا وَبِنْتَ ابْنٍ وَمَوْلَى أُمّه]
(٤٩١٦) فَصْلٌ: ابْنُ مُلَاعَنَةٍ مَاتَ، وَتَرَكَ بِنْتًا وَبِنْتَ ابْنٍ وَمَوْلَى أُمِّهِ، الْبَاقِي لِمَوْلَى الْأُمِّ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute