رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْأَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ لَا يُؤَخِّرَهَا عَنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَإِنْ أَخَّرَهَا إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ جَازَ، وَمَا بَعْدَ النِّصْفِ وَقْتُ ضَرُورَةٍ، الْحُكْمُ فِيهِ حُكْمُ وَقْتِ الضَّرُورَةِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ، عَلَى مَا مَضَى شَرْحُهُ وَبَيَانُهُ، ثُمَّ لَا يَزَالُ الْوَقْتُ مُمْتَدًّا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ الثَّانِي.
(٥٢٨) فَصْلٌ: وَتُسَمَّى هَذِهِ الصَّلَاةُ الْعِشَاءَ، وَلَا يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهَا الْعَتَمَةَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: الْعَتَمَةُ. صَاحَ وَغَضِبَ، وَقَالَ: إنَّمَا هُوَ الْعِشَاءُ
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ، فَإِنَّهَا الْعِشَاءُ، وَإِنَّهُمْ يُعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ. رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ وَإِنْ سَمَّاهَا الْعَتَمَةَ جَازَ؛ فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُعَاذٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَبْقَيْنَا - يَعْنِي - انْتَظَرْنَا - رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ؛ وَلِأَنَّ هَذَا نِسْبَةٌ لَهَا إلَى الْوَقْتِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ، فَأَشْبَهَتْ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ وَسَائِرَ الصَّلَوَاتِ
[مَسْأَلَة وَقْتُ الصُّبْحِ]
(٥٢٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ الثَّانِي وَجَبَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَالْوَقْتُ مُبْقًى إلَى مَا قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ فَقَدْ أَدْرَكَهَا، وَهَذَا مَعَ الضَّرُورَةِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ وَقْتَ الصُّبْحِ يَدْخُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي إجْمَاعًا، وَقَدْ دَلَّتْ عَلَيْهِ أَخْبَارُ الْمَوَاقِيتِ، وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُسْتَطِيرُ الْمُنْتَشِرُ فِي الْأُفُقِ، وَيُسَمَّى الْفَجْرَ الصَّادِقَ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَك عَنْ الصُّبْحِ وَبَيَّنَهُ لَك، وَالصُّبْحُ مَا جَمَعَ بَيَاضًا وَحُمْرَةً، وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي لَوْنِهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ أَصْبَحَ، وَأَمَّا الْفَجْرُ الْأَوَّلُ، فَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُسْتَدَقُّ صَعِدًا مِنْ غَيْرِ اعْتِرَاضٍ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ، وَيُسَمَّى الْفَجْرَ الْكَاذِبَ.
ثُمَّ لَا يَزَالُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ إلَى أَنْ يُسْفِرَ النَّهَارُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ وَبُرَيْدَةَ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقْتُ عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «وَوَقْتُ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ. وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ كَانَ مُدْرِكًا لَهَا» وَفِي إدْرَاكِهَا بِمَا دُونَ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ قَدْ ذَكَرْنَاهُ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، فِيمَنْ طَلَعْت الشَّمْسُ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَةً: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي وَقْتٍ نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute