للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَاشَ، فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَ فَفِيهِ مَا فِي صِغَارِ أَوْلَادِ الْمُتْلَفِ بَيْضُهُ، فَفِي فَرْخِ الْحَمَامِ صَغِيرُ أَوْلَادِ الْغَنَمِ، وَفِي فَرْخِ النَّعَامَةِ حِوَارٌ، وَفِيمَا عَدَاهُمَا قِيمَتُهُ. وَلَا يَحِلُّ لِمُحْرِمٍ أَكْلُ بَيْضِ الصَّيْدِ إذَا كَسَرَهُ هُوَ أَوْ مُحْرِمٌ سِوَاهُ، وَإِنْ كَسَرَهُ حَلَالٌ فَهُوَ كَلَحْمِ الصَّيْدِ، إنْ كَانَ أَخَذَهُ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِ لَمْ يُبَحْ لَهُ أَكْلُهُ، وَإِلَّا أُبِيحَ.

وَإِنْ كَسَرَ بَيْضَ صَيْدٍ، لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْحَلَالِ؛ لِأَنَّ حِلَّهُ لَا يَقِفُ عَلَى كَسْرِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ لَهُ أَهْلِيَّةٌ، بَلْ لَوْ كَسَرَهُ مَجُوسِيٌّ أَوْ وَثَنِيٌّ، أَوْ بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ، لَمْ يَحْرُمْ، فَأَشْبَهَ قَطْعَ اللَّحْمِ وَطَبْخَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ أَكْلُهُ، كَمَا لَوْ ذَبَحَ الصَّيْدَ؛ لِأَنَّ كَسْرَهُ جَرَى مَجْرَى الذَّبْحِ، بِدَلِيلِ حِلِّهِ لِلْمُحْرِمِ بِكَسْرِ الْحَلَالِ لَهُ.

وَإِنْ نَقَلَ بَيْضَ صَيْدٍ فَجَعَلَهُ تَحْتَ آخَرَ، أَوْ تَرَكَ مَعَ بَيْضِ الصَّيْدِ بَيْضًا آخَرَ، أَوْ شَيْئًا نَفَّرَهُ عَنْ بَيْضِهِ حَتَّى فَسَدَ، فَعَلَيْهِ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِسَبَبِهِ، وَإِنْ صَحَّ وَفَرَّخَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَإِنْ بَاضَ الصَّيْدُ عَلَى فِرَاشِهِ فَنَقَلَهُ بِرِفْقٍ فَفَسَدَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجَرَادَ إذَا انْفَرَشَ فِي طَرِيقِهِ، وَحُكْمُ بِيضِ الْجَرَادِ. وَإِنْ احْتَلَبَ لَبَنَ صَيْدٍ، فَفِيهِ قِيمَةٌ، كَمَا لَوْ حَلَبَ لَبَنَ حَيَوَانٍ مَغْصُوبٍ.

[فَصْل إذَا نَتَفَ مُحْرِمٌ رِيشَ طَائِرٍ]

(٢٦٧٨) فَصْلٌ: إذَا نَتَفَ مُحْرِمٌ رِيشَ طَائِرٍ، فَفِيهِ مَا نَقَصَ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَوْجَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِيهِ الْجَزَاءَ جَمِيعَهُ.

وَلَنَا، أَنَّهُ نَقَصَهُ نَقْصًا يُمْكِنُ زَوَالُهُ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ بِكَمَالِهِ، كَمَا لَوْ جَرَحَهُ. فَإِنْ حَفِظَهُ، فَأَطْعَمَهُ، وَسَقَاهُ، حَتَّى عَادَ رِيشُهُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ زَالَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ انْدَمَلَ الْجُرْحُ. وَقِيلَ: عَلَيْهِ قِيمَةُ الرِّيشِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ الْأَوَّلِ، فَإِنْ صَارَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ بِنَتْفِ رِيشِهِ، وَانْدَمَلَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ، فَعَلَيْهِ جَزَاءُ جَمِيعِهِ، كَالْجَرْحِ. فَإِنْ غَابَ غَيْرَ مُنْدَمِلٍ، فَفِيهِ مَا نَقَصَ، كَالْجَرْحِ سَوَاءٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ثَمَّ احْتِمَالًا. فَهَاهُنَا مِثْلُهُ.

[مَسْأَلَة إنْ كَانَ صَّيْد الحرم طَائِرًا]

(٢٦٧٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (إلَّا أَنْ تَكُونَ نَعَامَةً، فَيَكُونَ فِيهَا بَدَنَةٌ، أَوْ حَمَامَةً، وَمَا أَشْبَهَهَا، فَيَكُونَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا شَاةٌ) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: " وَإِنْ كَانَ طَائِرًا فَدَاهُ بِقِيمَتِهِ فِي مَوْضِعِهِ ". وَاسْتَثْنَى النَّعَامَةَ مِنْ الطَّائِرِ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ جَنَاحَيْنِ وَتَبِيضُ، فَهِيَ كَالدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ. أَوْجَبَ فِيهَا بَدَنَةً؛ لِأَنَّ عُمَرَ، وَعَلِيًّا، وَعُثْمَانَ، وَزِيدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، حَكَمُوا فِيهَا بِبَدَنَةِ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَحُكِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ أَنَّ فِيهَا قِيمَتَهَا. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ. وَاتِّبَاعُ النَّصِّ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] . وَالْآثَارِ أَوْلَى، وَلِأَنَّ النَّعَامَةَ تُشْبِهُ الْبَعِيرَ فِي خِلْقَتِهِ، فَكَانَ مِثْلًا لَهَا، فَتَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّصِّ.

وَفِي الْحَمَامِ شَاةٌ. حَكَمَ بِهِ عُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَنَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ، فِي حَمَامِ الْحَرَمِ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَعُرْوَةُ، وَقَتَادَةُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>